تطور علمي "استثنائي ومهم" للمصابين بالسكري

في تطوّر يهم مرضى السكري في العالم، توصل باحثون إلى طريقة لإعطاء هرمون الإنسولين عن طريق الفم بدلا من الإبر.

وأجرى الدراسة باحثون بقيادة هنري دانييل من كلية طب الأسنان في بنسلفانيا، ونشرت في مجلة "بايو ماتيريالز" (Biomaterials)، وكتب عنها موقع "يوريك أليرت".

وتتميز هذه الطريقة بأنها تقلل من خطر إصابة الشخص بهبوط سكر الدم الذي قد يتعرض له مستخدمو علاجات السكري الحالية.

وينقذ الإنسولين حياة ما يقدر بنحو 537 مليون بالغ مصاب بمرض السكري في جميع أنحاء العالم، مع توقع زيادة هذا العدد.

والإنسولين هو هرمون يساعد الجسم على استخدام الغلوكوز للحصول على الطاقة، وتنتجه خلايا بيتا في البنكرياس. ويدخل الإنسولين السكر الموجود في الدم (الغلوكوز) إلى الخلايا.

والبنكرياس عضو يقع بين المعدة والعمود الفقري، ويفرز البنكرياس الإنسولين إلى مجرى الدم بعد تناول الشخص للطعام، وذلك استجابة لارتفاع السكر في مجرى الدم. 

وفي حالة مرضى السكري لا ينتج البنكرياس ما يكفي من الإنسولين للجسم، أو تصبح لدى الخلايا في الجسم مقاومة له، وعندئذ يجب إعطاء الإنسولين للشخص. 

وتظهر الدراسات السريرية الحديثة أن الحقن عن طريق أقلام الإنسولين يمكن أن يتسبب في وصول الإنسولين إلى مجرى الدم بسرعة كبيرة، وذلك يؤدي إلى حدوث نقص السكر في الدم أو انخفاض مستوياته عن النطاق الصحي.

ويمكن لمضخات الإنسولين الآلية توفير إنسولين دقيق وتقليل هذه المخاطر، ولكنها باهظة الثمن ومتاحة فقط لجزء صغير من مرضى السكري في جميع أنحاء العالم.

توصل العلماء إلى طريقة للتوصيل الفموي لما يسمى "برو إنسولين" (proinsulin) الذي يتحول إلى الإنسولين في الجسم.

وعلى الرغم من استخدام الإنسولين الصناعي منذ عقود، فإنه يفتقد إلى واحد من الببتيدات الثلاثة (بروتينات) التي تكون موجودة في الإنسولين الطبيعي.

لكن مختبر "دانييل إنسولين" ابتكر مكونا نباتيا يحتوي على الببتيدات الثلاثة ويمكن تناوله عن طريق الفم. تحمي قوة جدران الخلايا النباتية الإنسولين من الأحماض والإنزيمات الموجودة في معدة المريض، ثم عندما تصل إلى الأمعاء تكسّرها ميكروبات الأمعاء، وبعد ذلك يتم توصيل الإنسولين الذي أُطلق في الأمعاء إلى الكبد. 

أجرى العلماء الدراسة على فئران مصابة بداء السكري، ووجد دانييل وفريقه أن الإنسولين النباتي ينظم نسبة السكر في الدم في غضون 15 دقيقة من الابتلاع بشكل مشابه جدا للإنسولين الذي يفرز بشكل طبيعي. وفي المقابل، عانت الفئران التي عولجت بحقن الإنسولين التقليدية من انخفاض سريع في مستويات الغلوكوز في الدم مما أدى إلى نقص السكر في الدم.

وقال دانييل "خطر نقص السكر في الدم هو أحد أكبر عيوب نظام التسليم الحالي، ويمكن أن يؤدي إلى غيبوبة. يحتوي الإنسولين، الذي يتناول عن طريق الفم، على جميع البروتينات الثلاثة، ويتم توصيله مباشرة إلى الكبد. إنه يعمل تماما مثل الإنسولين الطبيعي، مما يقلل من خطر الإصابة بنقص السكر في الدم". 

لإنتاج الإنسولين النباتي، حدد العلماء جينات الإنسولين البشرية، ثم قاموا بعد ذلك بدمج جينات الإنسولين في جينوم النبات، وفي هذه الحالة اختاروا جينوم الخس.

احتفظت البذور الناتجة بشكل دائم بجينات الإنسولين، وتم تجفيف الخس المزروع بعد ذلك، وطحنه، وتحضيره للتناول عن طريق الفم.

تختلف هذه العملية اختلافا كبيرا عن إنتاج الإنسولين بالطريقة التقليدية التي تتضمن تنمية الهرمون في البكتيريا أو خلايا الخميرة، وهي عملية مكلفة تتطلب التنقية ودرجة حرارة منخفضة للنقل والتخزين. تلغي طريقة إنتاج دانييل الحاجة إلى معدات معملية باهظة الثمن ومعقدة وتؤدي إلى منتج ثابت على الرف (أي رف الصيدلية ورف التخزين) في درجة حرارة الغرفة.

يقول دانييل "لقد قرأنا أخبارًا عن جرعات اللقاح التي تُتلف لأن بعض البلدان لا تمتلك الموارد اللازمة للتخزين البارد طوال العملية، إنها تكلفة باهظة. يتم التخلص من هذا النوع من تكاليف ما بعد الإنتاج باستخدام أساليبنا لأننا أظهرنا مرارا وتكرارا أن المنتج مستقر على الرف".

ويخطط دانييل لاختبار الإنسولين النباتي على البشر.