الانتخابات التركية.. مدن تحسم نتائج الرئاسة
بينما أنهى عشرات ملايين الناخبين الأتراك عملية الاقتراع في مختلف أنحاء البلاد تتجه الأنظار إلى الساعة الفاصلة التي ستغلق فيها الصناديق إيذانا ببدء عملية الفرز، ومن ثم الإعلان عن النتائج الأولية بشكل تدريجي.
ومن المقرر أن تنتهي عملية التصويت في الساعة الخامسة عصر الأحد، بينما سيعلن عن النتائج الأولية وبشكل رسمي من "الهيئة العليا للانتخابات" قبل حلول الساعة 12:00 ليلا بالتوقيت المحلي.
وشهدت الساعات الماضية إقبالا كبيرا من قبل الناخبين على مراكز الاقتراع، ولم يقتصر ذلك على فئة دون غيرها، بل انسحب الأمر على الجميع، وحتى أن الكثير من العائلات ذهبت بكامل أفرادها للتصويت وبصورة جماعية.
"مدن بدور محوري"
ويرى مراقبون ومحللون أن العديد من المدن التركية سيكون لها "ثقلا بارزا" على صعيد نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وكذلك الأمر بالنسبة للفئة التي تصوت لأول مرة، وغالبيتها من الشباب.
وهذه المدن، وفق ما يقول الباحث السياسي التركي، هشام جوناي، هي العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول وديار بكر ذات الغالبية الكردية، فضلا عن إزمير وأنطاليا.
ويوضح جوناي أن "هذه المدن من حيث الحجم والرمزية لها أهمية كبيرة والسيطرة عليها مهمة في الانتخابات الحالية".
وترتبط أهمية أنقرة بأنها العاصمة، ويوجد فيها البرلمان ولها دلالات رمزية على النظام المتبع في البلاد.
أما مدينة إسطنبول، يضيف جوناي أنها "قلب تركيا الاقتصادي النابض، وتعتبر رمز لسلطة مرشح الحزب الحاكم رجب طيب إردوغان، كونه كان رئيس بلديتها منذ عقدين".
ويتابع الباحث: "مدينة إسطنبول كانت بطاقة التعريف لإردوغان، عندما قدم نفسه للشارع التركي بأنه رئيس بلديتها الناجح".
بدوره يرى الباحث المختص بالشأن التركي، محمود علوش، أن "المدن الكبرى مهمة في المنافسة سواء على صعيد الكتل الانتخابية أو على صعيد السيطرة السياسية".
ويقول إن "إسطنبول تلعب دورا كبيرا فيما يتعلق بالمنافسة على مستوى الثقل".
"المدينة فيها ما يقرب من 11 مليون و300 ألف ناخب، وبالتالي تصويت السكان فيها سيكون مؤثر بشكل أكبر على الرئاسة مقارنة بالمدن الأخرى".
علاوة على ذلك، يضيف الباحث أن "المدن الكبرى لديها عدد كبير في البرلمان"، وأن "إسطنبول على سبيل المثال لديها 96 من أصل 600 مقعد، وبالتالي من يهيمن على المدن الكبرى ترجح له الكفة بشكل أكبر في إدارة البلاد".
ولا تعتبر إسطنبول كمدينة إزمير مثلا التي تعتبر "المعقل الأساسي لحزب الشعب الجمهوري"، وزعيمه كمال كليتشدار أوغلو، وهو الذي ينافس إردوغان، إلى جانب المرشح الرئاسي الثالث، سنان أوغان.
ويتابع الباحث علوش: "إسطنبول لا يوجد أي حزب يسيطر عليها وتتنوع مناطق النفوذ الحزبية فيها، ولا يمكن أن تحسب على المعارضة أو الحكومة. هناك رمزية مهمة في هذه الانتخابات وبالتحديد في إسطنبول".
ويشير إلى أنها "ستكون اختبارا للولاءات بعد خسارة العدالة والتنمية فيها في انتخابات البلدية عام 2019".
"الإقبال إيجابي"
وفي الانتخابات الرئاسية التي حصلت عام 2018 كان إردوغان في مواجهة كل من إينجه، وزعيم "حزب الشعوب الديمقراطي"، صلاح الدين ديمرطاش، وزعيمة "حزب الجيد"، ميرال أكشنار، وزعيم "حزب السعادة"، تمل كرم الله أوغلو، وزعيم حزب "الوطن"، دوغو برينجيك. في ذلك الوقت- أي قبل خمس سنوات- فاز إردوغان بمقعد الرئاسة بعدما حصد نسبة 52.6 في المئة، لكن في الانتخابات المقبلة لا تعرف حظوظه حتى الآن أمام منافسيه الاثنين بعد انسحاب زعيم "حزب البلد"، محرم إينجه.
لكن في انتخابات البلديات عام 2019 كان الحزب الحاكم "العدالة والتنمية" قد خسر بلديتي أنقرة وإسطنبول، لصالح "حزب الشعب الجمهوري".
وجاءت الخسارة حينها بعدم دعم حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي مرشحي "الشعب الجمهوري"، أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش.
ويتم الحديث في الوقت الحالي وداخل الأوساط التركية عن "رقم قياسي" في الإقبال على الانتخابات.
ويرى الباحث جوناي أن "هذا الإقبال الكبير سيكون إيجابيا على النتائج".
ويقول: "شيء إيجابي أن يكون الشارع مدرك أهمية هذه الانتخابات ويتوجه للصناديق ويختار من يمثله سواء في الرئاسة أو البرلمان".
من جانب آخر يشير جوناي إلى أهمية ترتبط بمدينة ديار بكر والنتائج التي ستصدر منها بعد الساعة الخامسة من يوم الأحد.
ويوضح: "من المهم على أي حزب السيطرة على ديار بكر والحصول على نسبة كبيرة فيها، لأنها تحمل رمزية بالأغلبية الكردية التي تقطنها".
من جهته اعتبر الباحث علوش أن "انتخابات اليوم ستكون مهمة حول ما إذا كانت المعارضة ما تزال تحظى بثقل تصويتي بعد الخرق الأخير في إسطنبول وأنقرة، أو أن إردوغان استعاد العافية على مستوى التأييد الشعبي، منذ أن خسر العدالة والتنمية رئاسة البلدية هناك".
كيف تعلن النتائج؟
وتوضح المعلومات التي يتيحها "المجلس الأعلى للانتخابات" أن عملية فرز الأصوات ستتم بعد انتهاء عملية الاقتراع مباشرة، على أن يتم الإعلان عن النتائج الأولية قبل الساعة الـ23:59. وبعد الإعلان عن النتائج الأولية ستكون هناك فترة اعتراض على قرارات ومحاضر لجان صناديق الاقتراع، على أن تنتهي في الساعة 17:00 من يوم 15 مايو، بينما سيتم الإعلان عنها قبل الساعة الـ23:59، كحد أقصى. وفي 19 مايو سيتم الإعلان رسميا عن نتائج الانتخابات العامة في الجريدة الرسمية ووسائل الإعلام التلفزيونية والإذاعية. ومع ذلك سيكون هناك حالات استثنائية.
وفي حين ستحسم نتائج انتخابات البرلمان في الجولة الأولى، سيكون الأمر مختلفا بالنسبة لانتخابات الرئاسة، وفي حال لم يحقق أي من المرشحين نسبة 50+1.
ويجب أن يحصل المرشحون على نسبة "50+1" من الأصوات على الأقل ليتم انتخابهم، لكن وفي حال لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى، تُجرى جولة ثانية بعد 15 يوما، بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات أولا. وبعد ذلك سينتخب المرشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات الصحيحة رئيسا.
وإذا تقرر إجراء جولة ثانية في الانتخابات الرئاسية في 28 مايو، سيبدأ التقويم الانتخابي لها يوم الاثنين 15 مايو، فيما سيتم الإعلان عن النتائج المؤقتة في 29 مايو.
وفي 1 يونيو يتم إعلان النتيجة النهائية رسميا عبر الجريدة الرسمية ووسائل الإعلام.
ماذا عن انتخابات البرلمان؟
ومن أجل انتخاب الأحزاب السياسية للنواب، يجب عليهم إما اجتياز عتبة انتخابات البلد بمفردهم أو أن يكونوا في تحالف، ويجب أن يتجاوز مجموع الأصوات في هذا التحالف عتبة الدولة المحددة، وفقا للأصوات الصحيحة. ومع التغيير القانوني الذي تم إجراؤه العام الماضي، تم تخفيض العتبة الانتخابية إلى 7 في المئة. وفي حالة إجراء انتخابات مع التحالف، وإذا تجاوز مجموع أصوات التحالف 7 في المئة، تُعتبر الأحزاب السياسية داخل التحالف قد تجاوزت العتبة.