استطلاع: الغالبية العظمى من الأردنيين لا يثقون ببعضهم

بين استطلاع رأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية أن الغالبية العظمى من الأردنيين لا تثق بمعظم الناس، وأن 78% من الأردنيين يعتقدون أنه لا يمكن الثقة بأغلبية الناس.

وأشار الاستطلاع إلى أن ثقة الأردنيين محصورة في عائلاتهم؛ إذ أفاد 94% بأنهم يثقون بالعائلة بالمرتبة الأولى، فيما يعتقد 81% من الشباب الأردني أنه لا يمكن الثقة في أغلبية الناس.

الانتقال لمجتمع فردي

رأى أستاذ علم الاجتماع بدر الماضي، أن انخفاض ثقة الأردنيين ببعضهم يعد دليلاً على التحول الكبير الذي يشهده المجتمع الأردني من مجتمع جماعي يحب العلاقات الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي إلى مجتمع أكثر فردية في مستقبل الأيام.

وأكّد الماضي، أن هذا التحول يجري في كثير من الأماكن حول العالم وفي مجتمعاتنا، لكن للأسف هذا التحول في كثير من الأحيان يأتي على حساب القيم والمعايير الاجتماعية التي عاشها المجتمع الأردني لسنوات طوال.

وأشار إلى أن بعض الاحتياجات يراها الأفراد خاصة بهم فقط دون أن تعد ضرورة لمصلحة الجميع، لذلك لا بد من رؤية مثل هذه التحولات والتي للأسف ضحيتها القيم التي اعتدنا عليها والمعايير الاجتماعية لسنوات طويلة.

أحكام مسبقة

فيما رأت اختصاصية في علم النفس العيادي والعلاج الجدلي السلوكي بسمة الكيلاني، أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تلعب دوراً أساسياً، لكنها تعمم الكثير من الأحكام؛ مما يؤدي لإصدار أحكام مسبقة عن الآخرين.

ولفتت الكيلاني إلى الأوضاع المعيشية، وفي ظل تعرض الأشخاص لمواقف مثل النصب والاحتيال؛ يزيد نسبة عدم الثقة، مؤكدة أن بنية الثقة تكون مسبقة؛ لكنها تنخفض بسبب المواقف.

وأوضحت ضرورة إصلاح بنية العائلة من أساسها والتركيز على خفض نسبة الإساءة في الأسرة والعنف الأسري الذي يجعل الشخص لا يثق بأحد.

خوف من الإقراض

اختصاصية علم الاجتماع شروق أبو حمور، قالت، إن من أبرز أسباب انخفاض ثقة الأردنيين ببعضهم بعضا هي وسائل التواصل الاجتماعي والتي لعبت دوراً مهما بانخفاض الثقة.

وأضافت أن الأوضاع الاقتصادية وفي ظل اقتراض الناس من بعضهم، وعدم الوفاء بالدين قللت الثقة بل وانعدمت في بعض الأحيان وأثرت على عدم قيام الأشخاص بإقراض بعضهم.

وحول انحصار ثقة الأردنيين بعائلاتهم، أوضحت أبو حمور أن الإطار الأسري تكون الثقة به أعلى؛ كونه يكون به العديد من التجارب بينهم، حيث إن بعض الأنماط في العائلات مستقى من خلفيات دينية وعشائرية؛ مما يرفع الثقة.

وتابعت: عندما يقع خلاف مع شخص من خارج نطاق العائلة لعدم وجود مرجعية موثوقة في بعض الأحيان تنخفض الثقة.

ومن الحلول المقترحة، وفق أبو حمور، تعليم الطلبة عبر المناهج من هو الإنسان المؤهل لإعطائه الثقة، ومن يجب تجنبه، وكيفية التواصل مع الأشخاص يساهم برفع الثقة وإعطائها لمن يستحق فعلاً.

الأوضاع الاقتصادية

الاختصاصية التربوية وخبيرة العلاقات الأسرية دلال قطيشات، عزت أسباب انخفاض ثقة الأردنيين ببعضهم وخاصة خلال الفترة القليلة الماضية إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية، وقلة الرفاهية؛ مما يولد أثراً سلبياً والتمركز حول الذات.

وقالت، إن "انتشار الرأسمالية بأفكارها تجعل الإنسان يفكر بالمتع الذاتية، ونسيان الآخرين، وما يهمه هو فقط الحصول على المال دون التفكير بالطريقة".

ومن أبرز دلالات انحصار ثقة الأردنيين في عائلاتهم، بحسب قطيشات، انخفاض عدد المناسبات الاجتماعية بشكل كبير مؤخراً؛ حيث أصبحت المشاركات من المقربين فقط.

وتابعت: ما انتشر مؤخراً بتحصيل الأموال عبر السوشال ميديا، وكمثال عليها عمليات البيع "أونلاين" والتي عند معاينتها وشراء السلع عبرها نكتشف أنها لا تمت لما هو مكتوب على السوشال ميديا؛ مما يخفض الثقة بين الأشخاص.

وأشارت إلى ضرورة إدخال مواقف وقصص في المناهج تعزز منظومة الثقة والقيم، وتعميق فكرة أن العلاقة ترتكز على الصدق والأمانة؛ لضمان استمراريتها، وتوعية الجيل حول أهمية كسب الرزق بطرق حلال.