وكالة تركية: الأردن تُرك وحيدا
لا يكاد يمر عام على الأردن دون أزمة يكون سببها اقتصاديا، لا سيما أن المملكة تقع في مكان جيوسياسي جعل منها واجهة لتلقي ويلات وتداعيات أزمات تحيط بها.
على الرغم من ذلك، فإن الأردن المأزوم اقتصاديا استطاع خلال السنوات الماضية أن يحافظ على استقراره وسط محيط ملتهب، بل وأن يحمي حدود دولٍ تُجاوره، إلا أن ذلك لم يشفع له، بل شهد دعمه تراجعاً ملحوظاً، واقتصر على قروض لم تجنبه تداعيات الأزمات.
انشغلت دول العالم، وخاصة الأوروبية منها، بالأزمة الروسية الأوكرانية وما خلفته من نتائج ثقيلة عليها، فيما تبحث دول إقليمية عن تعزيز مكانتها العالمية، ليُترك الأردن وحيدا تحت وطأة مواقفه السياسية التي لا تلقى استحساناً من أطراف ترى فيها معارضة لمصالحها.
يحاول الأردن أن يعوض نقص دعمه الخارجي عبر إجراءات حكومية لا يقبلها الشعب، ومنها "المشتقات النفطية" التي شهدت ارتفاعا كبيرا أدى إلى حدوث إضراب قطاع النقل في الخامس من الشهر الجاري، وما نتج عنه من تطورات واحتجاجات.
تراجع المنح
المحلل الاقتصادي مازن مرجي، بين أن "المساعدات التي كان يتلقاها الأردن كمنح، إن كانت من الدول العربية وخاصة الخليج، أو من الاتحاد الأوروبي ودوله، إضافة إلى الولايات المتحدة وكندا واليابان، كانت تشكل ركيزةً أساسيةً لدعم الموازنة الحكومية السنوية".
وتابع في حديثه للأناضول: "منها ما كان منحا مطلقة غير مشروطة ودون مقابل موجه إما لبرامج الموازنة أو برامج أخرى تنفذ بإشراف هذه الجهات الداعمة، أو ضمن برامج واتفاقيات ثنائية لدعم قطاعات معينة، مثل الصناعة والتجارة والطاقة والمياه وغيرها".
أما عن الوضع الحالي، فاعتبر مرجي أن "هناك تراجعا كبيرا بالمساعدات الموصوفة بالمنح، وأصبحت قليلة جداً منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008".
وأشار إلى أن "بعض الدول المانحة خفضت مساعداتها للأردن بشكل كبير لأسباب ودوافع سياسية خاصة بها، ولا ترتبط بقدرة تلك الدول أو عدمها على مساعدة الأردن".
ورأى أن بعض الدول "تحاول الضغط على الأردن بسبب مواقفه السياسية من قضايا معينة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وما يسمى صفقة القرن التي تسعى لرفع يد المملكة عن وصايتها على الأماكن المقدسة فيها".
وأضاف: "الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تُقدم للأردن مساعدات كبيرة للموازنة، ورغم ذلك فإن العجز مستمر، وسابقاً كان يُغطى من المساعدات الأخرى للدول، إلا أن مساعدات تلك الدول تحولت إلى برامج لا تسمن ولا تغني من جوع، وهو ما فاقم الوضع الاقتصادي".
وتوقع مرجي استمرار المصاعب الحكومية بالأردن للعام القادم 2023، مرجعاً سبب ذلك إلى "استمرار التوسع بالإنفاق ما بين 9 إلى 10 بالمئة، وعجز بالموازنة 2.6 مليار دينار (3.6 مليارات دولار)، ونسب نمو متدنية لا تزيد على 2.6 بالمئة، وبطالة نسبتها 22.6، وفقر نسبته 22 بالمئة".
وحسب ما تبرر الحكومة، لا يستطيع الأردن حل تلك المشكلة إلا باللجوء نحو الاقتراض الخارجي والداخلي، وهو ما أدى إلى ارتفاع قيمة المديونية إلى 50 مليار دولار، وبما نسبته 116 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
تغير البنى السياسية
بدر الماضي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية (حكومية): "أعتقد أن أولويات الدول المؤثرة في المنظومة السياسية العالمية قد تغيرت في السنوات الأخيرة، لأسباب عديدة، منها كسر ظهر الإرهاب، والذي كان للأردن دور كبير فيه بحكم موقعه الجيوسياسي".
ورأى في حديث للأناضول، أن "بعض الدول الإقليمية حاولت القفز عن الدور الأردني تجاهها، من خلال محاولات التطبيع المستمرة ومحاولات إرسال رسالة لدول العالم، أن المملكة ليست اللاعب الوحيد في هذا الملف".
كما تناول الماضي في حديثه ما سماه "تغيّر البنى السياسية في الإقليم، والتي لم تعد ترى أن دعم الأردن كدولة محورية من أولوياتها السياسية والاقتصادية، في ظل عدم إدراك لأي مآلات يمكن أن يؤدي بها عدم الاستقرار في الأردن".
حقوق الإنسان والديمقراطية
محمد بني سلامة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك (حكومية)، حثّ بلاده كي لا تُعوّل كثيراً على المساعدات الخارجية؛ لأنها "مشروطة دائما، وربما يأتي يوم تتوقف فيه بشكل كلي، وعليه أن يكيّف نفسه للتعامل مع هذه المستجدات على المدى البعيد".-(الأناضول)