"منتدى الاستراتيجيات" يدعو الحكومة لإعادة النظر بالسياسات الضريبية
في ضوء إقرار مجلس الوزراء لمشروع قانون الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية للسنة المالية 2023 تمهيدا لاستكمال إجراءاته الدستورية من قبل مجلسي النواب والأعيان؛ أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني تحليله السنوي للموازنة العامة، الذي يهدف من خلاله إلى وضع موازنة 2023 في سياقها الاجتماعي والاقتصادي.
واستعرض المنتدى، في بداية الورقة، خصائص السياسات المالية الحصيفة، مبيناً بأن الجوهر الأساسي في عملية إعداد الموازنة المالية يكمن في تعزيز النمو الاقتصادي الحقيقي والحد من الفقر وعدم المساواة، وتحسين كفاءة تخصيص الموارد وإنفاقها، حيث يتوجب على الحكومات أن تُبقي العجز المالي والدين العام ضمن مسارات مستدامة. وبخلاف ذلك، يصبح الدين العام سبباً رئيسياً لعدم استقرار الاقتصاد.
وفي تحليل جانب النفقات العامة، أشارت الورقة الصادر عن المنتدى إلى أن إجمالي الإنفاق العام ازداد بنسبة نمو تبلغ 8.3%؛ أي من 10.6 مليار دينار في عام 2022، إلى 11.4 مليار دينار في عام 2023. هذا وبينت الورقة بأن الزيادة في مستويات الانفاق العام جاء كنسبة إضافية (أي موازنة تدريجية)، وذلك مقارنة بالموازنات السابقة. وتعتبر الموازنات التدريجية، موازنات تقليدية؛ حيث يتم إضافة زيادة معينة على حجم الإنفاق الفعلي للسنة التي سبقتها.
وبالنسبة للنفقات الرأسمالية، أشارت الورقة إلى أن تقديرات النفقات الرأسمالية إلى إجمالي الانفاق العام تعطي مؤشرًا جيدًا، حيث جاءت قريبة من نسبتها في العام 2022. والتي تبلغ قيمتها حوالي 1,6 مليار دينار، حيث يشير مشروع قانون الموازنة لعام 2023 إلى أن الحكومة قامت بتخصيص 262.9 مليون دينار لاستثمارات رأسمالية جديدة، و550.8 مليون دينار لمشاريع ملتزم بها / قيد التنفيذ، و778.2 مليون دينار لمشاريع مستمرة.
وبالنسبة للنفقات الجارية، أوضحت الورقة الصادر عن المنتدى بأن عددًا محدودًا من البنود تستحوذ على النسبة الأعلى من إجمالي الانفاق؛ حيث يشكل بند التقاعد وتعويضات العاملين حوالي 65% من إجمالي النفقات الجارية. وعند إضافة ما يتم إنفاقه على فوائد الدين العام (المحلي والأجنبي)، تصل هذه النسبة إلى 82% من إجمالي النفقات الجارية. مما يعني بأن الحكومة لا تملك حيزًا ماليًا كافيًا.
وفي تحليل جانب الإيرادات العامة، أوضحت الورقة بأن نسبة الإيرادات الضريبية إلى إجمالي الإيرادات العامة قريبة من معدلاتها السابقة؛ بحوالي 76%. وكذلك الحال بالنسبة إلى الأرقام التأشيرية لعام 2024. حيث يتوقع أن ترتفع إجمالي الإيرادات الضريبية من 5.9 مليار دينار في عام 2022 إلى 6.6 مليار دينار في عام 2023.
وفي هذا السياق؛ بينت الورقة بأن نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي في الاردن تعتبر منخفضة عند مقارنتها مع مختلف الدول في العالم؛ والتي تتراوح بين 15% و16%. في حين تبلغ هذه النسبة في المغرب وتونس (22%)، وبريطانيا (27%)، وفرنسا (31%)، والدنمارك (46%).
وأشار المنتدى في ورقته إلى أن مصادر الإيرادات الضريبية في الأردن لا زالت تعتمد بشكل كبير على ضريبة المبيعات، التي تشكل حوالي 70% من إجمالي الإيرادات الضريبية. وهذه النسبة أعلى بكثير من دول أخرى كالمغرب (12%)، وتونس (13%)، والسويد (23%)، وألمانيا (29%) وإستونيا (41%)، وبلغاريا (43%). هذا، وتعتبر ضريبة المبيعات غير عادلة. مشيراً إلى أن ثاني أكبر مساهم في الإيرادات الضريبية هو قطاع الشركات.
وفي سياق متصل؛ بين المنتدى بأن النظام الضريبي في الأردن يمنح العديد من الامتيازات الضريبية، والتي يشار إلى كلفتها على الموازنة باسم "النفقات الضريبية" أو (الإيرادات المفقودة). حيث أوضحت الورقة بأن نسبة الامتيازات الضريبية (إلى الناتج المحلي الإجمالي) بلغت في الأردن 9% في العام 2020، و9.28% في العام 2021، ومن المتوقع أن تحافظ نسبة النفقات الضريبية على ذات المستوى في الأعوام 2022، 2023، و2024.
ونتيجة إلى الانخفاض النسبي في الإيرادات الضريبية الى الناتج المحلي الاجمالي، واستحواذ بنود محددة من النفقات الجارية على نسبة كبيرة من اجمالي النفقات الجارية، أشارت الورقة إلى أنه يُتوقع أن يستمر العجز في الموازنة للعام 2023، وكذلك في الموازنة التأشيرية لعام 2024.
كما أشارت الورقة إلى زيادة قيمة العجز قبل التمويل في موازنات الوحدات الحكومية من -383.2 مليون دينار للسنة المالية 2022 الى -795.2 مليون دينار للسنة المالية 2023، ومن المتوقع في موازنة السنة المالية 2023 أن تشكل سلطة المياه وشركة الكهرباء الوطنية ما يعادل 105.3% من هذا العجز. بمعنى آخر، فإن الخلاصة المجمعة لموازنات الوحدات الحكومية (باستثناء سلطة المياه وشركة الكهرباء الوطنية) تحقق وفراً مالياً بما قيمته 42 مليون دينار، في حين أن الخلاصة المجمعة لموازنات الوحدات الحكومية (مع سلطة المياه وشركة الكهرباء الوطنية) تحقق عجزاً مالياً يصل إلى 795 مليون دينار.
واستعرض المنتدى، في ورقته، جملة من التوصيات لتحسين الأداء في السياسة المالية، مؤكداً على ضرورة أن تتبنى الحكومة سياسة مالية تخدم عملية التخطيط بعيدة المدى، خاصةً في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها الأردن حاليًا، والتي يتلخص أبرزها في تحقيق معدلات نمو اقتصادي متواضعة، ومعدلات بطالة مرتفعة.
وشدد المنتدى في هذا السياق إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات الضريبية من خلال تحسين النظام الضريبي الحالي ليكون أكثر عدالة، والعمل على زيادة الإيرادات الضريبية نسبةً إلى الناتج المحلي الإجمالي كما هو الحال في العديد من دول العالم. مؤكداً على إعادة النظر في مكونات الإيرادات الضريبية، إذ تعتبر إيرادات ضريبة المبيعات إلى إجمالي الإيرادات الضريبية أعلى بكثير مما هي عليه في العديد دول العالم، فهي ضريبة تثقل كاهل محدودي الدخل.
وشدد المنتدى أيضاً على ضرورة إعادة النظر في الوضع الراهن لقطاعي المياه والطاقة، والعمل على تبني نموذج أعمال أكثر كفاءة، مما سيرفع من كفاءة هذه القطاعات، ويخفض من الديون المتراكمة عليها.