"إنقاذ الطفل": هناك حاجة لمزيد من التنسيق والتكامل في الجهود

قالت مؤسسة إنقاذ الطفل – الأردن، في بيان أصدرته السبت، بمناسبة اليوم العالمي للطفل والذي يحتفل به بتاريخ 20 تشرين الثاني من كل عام، إنها استطلعت أراء مجموعة من اليافعين واليافعات المشاركين ببرامجها حول رؤيتهم لشعار هذا العام "الشمول لجميع الأطفال" وكيف يمكن توفير فرص ومستقبل أفضل لجميع أطفال الأردن.

ووفق المؤسسة، اعتبر اليافعون واليافعات أن ضمان الوصول إلى تعليم نوعي ومستمر ودامج يراعي احتياجات جميع الأطفال هو الأساس لخلق مستقبل أفضل لجميع الأطفال.

وتناولت المجموعة، والمكونة من 20 يافع ويافعة من المشاركين في برامج المؤسسة في الفئة العمرية 12 إلى 17 عامًا وتمت مقابلتهم ضمن 3 جلسات مختلفة في مناطق شرق عمان ومخيم الزعتري، التحديات التي تواجههم/تواجهن في سبيل الوصول إلى التعليم النوعي والدامج. كما تركزت التحديات لدى الطلبة ذوي الإعاقة ببيئة التعليم كضعف التسهيلات البيئية وعدم التقبل.

وفيما يخص الفتيات برزت الموروثات الاجتماعية، عدم توفر مواصلات أمنة من والى المدرسة، زواج الأطفال وتدني التحصيل الدراسي، والتنمر اللفظي كأبرز الأسباب التي تدفع الفتيات لترك التعليم من وجهة نظر الفتيات، كما تشير أرقام وزارة التربية والتعليم إلى أن نسب التسرب المدرسي بين الإناث تبلغ 4 بالألف بينما وصلت بين الذكور إلى 3 بالألف، وكانت أسباب التسرب لدى الأطفال الذكور وفقا لليافعين الذين تم استطلاع أراءهم ترتبط غالبًا بالجوانب الاقتصادية مثل الفقر أو الحاجة للعمل لإعالة الأسرة نتيجة غياب أو عجز المعيل، كذلك برز العنف المدرسي وضعف التحصيل الأكاديمي وعدم وجود بيئة محيطة مشجعة على التعليم ضمن الأسباب التي تدفع نحو ترك المدرسة.

 

سمر 15 عامًا:
"غياب البيئة الآمنة بالطريق بين البيت والمدرسة أكثر سبب بهدد حقي بالتعليم، الطريق بتاخذ تقريبا نصف ساعة مشي، وما بخلى الأمر من التعرض للمضايقات من قبل الشباب، صديقتي للأسف اضطرت تترك المدرسة، لو في باص أكيد بيكون الوضع أفضل بكثير".

 

بحسب نتائج تقييم صادر عن مؤسسة إنقاذ الطفل - الأردن حول واقع عمل الأطفال والفتيات جليسات المنازل من منظور النوع الاجتماعي، والذي تم إعداده ضمن مشروع الحد من عمل الأطفال Work: No Child’s Business والذي تنفذه المؤسسة بالشراكة مع منظمة اليونيسف فإن الأعراف والقناعات الاجتماعية لدى بعض الأسر تدفع نحو إخراج الفتيات من المدرسة وإبقائهن جليسات في المنازل باعتبار ذلك حماية لهن لحين زواجهن.
 لكن الشعور بالأمان داخل المدرسة كان متفاوتًا بين الطفلات وفقًا للتجارب الشخصية لكل طالبة تمت مقابلتها في المجموعة. 

 

 
تسنيم 13 عامًا:
"في كثير بنات ما بقدروا يجيبوا معهم قرطاسية أو لبسهم ما بكون حلو مثل غيرهم وهذا الشي بعرضهم للتنمر، بس معلمة بالمدرسة عملت مبادرة نجمع القرطاسية ويتم إعطاءها للطالبات بطريقة تضمن السرية والخصوصية".

مقابل ذلك يشتكي الذكور بشكل أكبر من العنف الجسدي ووفق التقييم الذي أجرته مؤسسة إنقاذ الطفل يواجه الأطفال الذكور التنمر في المدرسة من أقرانهم. كما يفتقر بعض المعلمين لمهارات التعامل مع عنف الأقران ومع الطلبة المعرضين لخطر التسرب المدرسي.

 

عادل 12 عامًا:
"ما بحب المدرسة، فيها إزعاج كثير، استقواء من قبل الطلاب على طلاب أخرين، القوي على الضعيف".

لكن أخرين من الأطفال لفتوا لسياسة انضباط تطبق في مدارسهم لا تتهاون مع العنف والتنمر.

 

سائد 13 عامًا:
"المدير شديد جدا وما بتساهل مع العنف والتنمر أبدًا، وجود الأصدقاء هو سبب حبي للمدرسة لكن مش كل الولاد سهل يكونوا صداقات".

 

يواجه الأطفال من ذوي الإعاقة وصعوبات التعلم تحديً صعوبة التقبل من قبل أقرانهم وفي أحيان أخرى التعرض للتنمر، تشمل التحديات التي يواجهها الطلبة من ذوي الإعاقة غياب التسهيلات البيئية أو الضعف في البرامج التعليمية الخاصة باحتياجاتهم ما يدفع بهم إلى التسرب المدرسي.
وفق أخر أرقام صدرت عن دائرة الإحصاءات العامة في العام 2015 فإن 79% من الأطفال ذوي الإعاقة ليسوا ملتحقين بأي برنامج تعليمي على الإطلاق.

وكانت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أطلقت في كانون الثاني 2020 الاستراتيجية الوطنية العشرية للتعليم الدامج، لضمان الحق بالتعليم للأطفال من ذوي الإعاقة ضمن خطة زمنية على مدار عشر سنوات، تزامن إطلاق الاستراتيجية مع جائحة كورونا والتحول للتعليم عن بعد ما أخر في تنفيذ الاستراتيجية.

 

عادل 13 عامًا:
"في طلاب بيكون عندهم مشكلة معينة، ما حد بقدر يساعدهم ومرات كثير ما حد بتقبلهم بعد فترة بحس الطالب انه ما في داعي للمدرسة لأنه ما عم يستفيد، مهم يكون في برامج بتراعي الحاجات المختلفة للطلاب، لأنه الطلاب مختلفين مش كلهم مثل بعض".

 

ويشكل زواج الأطفال كذلك سببًا أخرًا للتسرب المدرسي، وإذ وبحسب أرقام دائرة قاضي القضاة تشكل الزيجات لمن هم دون سن 18 نحو 11% من الزيجات في الأردن العام 2021.
وفق بحث أعدته مؤسسة إنقاذ الطفل - الأردن حول تطبيق التعليمات المعدّلة لمنح الإذن بالزواج لمن هم دون سن الـ 18 عاماً في الأردن: وجهات نظر من الميدان وشمل عينة من 75 فتاة تزوجن بين عامي 2018 و2021 فإن 68% منهن التحقن بالمدرسة قبل الزواج في حين أن 8% فقط واصلن تعليمهن بعد زواجهن.

 

هبة 16 عامًا:
“زواج الأطفال عنا بالمخيم هو عرف اجتماعي، البنت بس توصل الـ15 بصير الناس حواليها يتعاملوا معها أنها جاهزة للزواج، بزيد هذه القناعة أنه فرص التعليم الجامعي محدودة جدا، فقط عن طريق المنح بس للأسف عددها قليل جدا".

لا يقف العائق الاقتصادي في وجه اليافعات داخل المخيم فقط، بل أيضا يشكل هاجسًا في المناطق الأخرى خارج المخيمات، فرغم مجانية التعليم المدرسي لكن الأمر يبقى مختلفًا فيما يخص التعليم الجامعي والذي وإن كان حكوميًا لكنه يبقى مكلفًا على الأسر الهشة.

 

ندى 17 عامًا:
"أختي الكبيرة بس خلصت توجيهي ما قدرت تدرس جامعة لأنه القسط كان فوق قدرة والدي كونه بشتغل مياومة، وما حد قبل يتكفل بالقسط، أنا حاليا بالصف الأول ثانوي طموحي أجيب معدل عالي عشان احصل على منحة غير هيك ما رح أقدر اكمل".

وبحسب المسح الوطني الأخير لعمل الأطفال في الأردن الصادر عام 2016 من قبل دائرة الإحصاءات العامة يقارب عدد الأطفال العاملين 76 ألف طفل وطفلة، وتبلغ نسبة عمل الأطفال بين الذكور 3.24%. وتتمثل القطاعات التي يعمل بها الأطفال الذكور غالبا بتجارة الجملة والتجزئة، وإصلاح المركبات والزراعة والصناعات التحويلية.

 

ظافر 14 عامًا:
"من لما كان عمري 11 سنة بلشت أشتغل بسوبرماركت اعبي كياس، بعدين انتقلت للشغل في القهاوي، شغلي من الساعة 4 الظهر للساعة 1 بالليل، بحب أروح المدرسة بس بتعب وصاحب الشغل ما بخليني ارتاح لهيك بغيب يومين أو ثلاثة بالأسبوع عن المدرسة (...) ما عندي أي أحلام بس بتمنى أرتاح من التعب".

في مقابل ذلك يشير ذات المسح إلى أن نسبة الأطفال العاملين من الإناث 0.45%، كما أن الغالبية العظمى من هؤلاء الفتيات يساهمن في الأعمال المنزلية.

 

ياسمين 17 عامًا:
"بالبيت أنا البنت الوحيدة بين شباب، وبيتنا مساحته ضيقة غرفتين وصالة لهيك ما عندي غرفة خاصة بستخدم الصالة للدراسة، لكن والدتي عندها مشروع صالون تجميل منزلي، هذا الشي بجعل من الدراسة أمر صعب جدا، كمان بضطر إني أساعد أمي بشغل التجميل لأنه لوحدها ما بتقدر تشتغل أكيد هذا أثر على دراستي".

 

 
بحسب   نتائج تقييم أجرته مؤسسة إنقاذ الطفل- الأردن العام الحالي حول عمل الأطفال، ضمن برنامج الحد من عمل الأطفال الذي ينفذ بالشراكة مع اليونيسف Work: no Child’s Business على مجموعة من المنتفعين من المشروع، فإن الفقر إلى جانب غياب المعيل يعد سببًا رئيسيًا للتسرب من المدرسة وعمل الأطفال للذكور فضلا عن بعض الأعراف الاجتماعية التي تحمل الأبناء الذكور مسؤولية إعالة العائلة وإن كانوا أطفالًا.

 

ضرار 14 عامًا:
"أنا بشتغل عشان أدعم عيلتي ماديًا، والدي، إخواني وعمامي ما حد كمل دراسة وكلنا بنشتغل كل يوم صنعة شكل، بس أنا بتمنى أكمل تعليم مهني وأشتغل بالكهرباء لأنه فيها دخل منيح".

 

وأكدت مؤسسة إنقاذ الطفل تطلعاتها بالوصول إلى عالم يحظى به كل طفل دون استثناء على فرص متكافئة بما في ذلك الوصول إلى تعليم نوعي، وتثمن المؤسسة جهود الأردن في مجال توفير التعليم لجميع الأطفال، حيث اعتبرت التشريعات الوطنية وعلى رأسها الدستور الأردني التعليم حق أساسي فضلا عما نص عليه قانوني وزارة التربية والتعليم وقانون حقوق الطفل من حماية لحق الطفل في التعليم ومكافحة التسرب المدرسي.
وترى المؤسسة أنه رغم شمولية التشريعات فيما يخص حق الأطفال في التعليم لكن هناك حاجة لمزيد من التنسيق والتكامل في الجهود والتطبيق على أرض الواقع لضمان عدم تخلف أي طفل عن الركب ولضمان حق جميع الأطفال في الوصول إلى فرص متكافئة، معربة عن أملها في أن يسهم قانون حقوق الطفل الذي سيدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل في ضمان هذا الحق.