هل انتصرت المقاومة حقًا؟... البستنجي يجيب "أخبار الأردن"

قال الكاتب والباحث في الصحافة العبرية الدكتور حيدر البستنجي إنه في خضم المآسي التي عاشها قطاع غزة، برزت الهدنة الأخيرة كبصيص أمل لأهالي القطاع، الذين عانوا طويلًا تحت وطأة الحرب والدمار. 

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الحصار المفروض على قطاع غزة يشكل عقبة رئيسة أمام أي جهود إنسانية، فإدخال شاحنة مساعدات واحدة يتطلب سلسلة معقدة من الضمانات والتفاهمات الدولية، ما يُظهر أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس شكلًا آخر من أشكال العدوان، ذلك أن الحصار، كوسيلة للحرب الاقتصادية والسياسية، يستهدف إنهاك سكان القطاع وتجويعهم، ليجعل الحياة هناك أقرب إلى المستحيلة.

وبعيدًا عن خطابات النصر والهزيمة، يبدو أن إسرائيل قد تمكنت من تحقيق العديد من أهدافها الاستراتيجية خلال هذه الحرب، كالتدمير شبه الكامل للبنية التحتية في غزة، وخلق حياة يومية مليئة بالصعوبات، واستعادة الأسرى، كلها نقاط سجلتها إسرائيل لصالحها، غير أن الهدف الأساسي، وهو القضاء على حكم حركة حماس والسيطرة الكاملة على القطاع، أُجّل إلى المرحلة الثالثة من الاتفاق، التي تحمل معها ترتيبات سياسية واقتصادية ستشكل مفترق طرق للمنطقة.

ونوّه البستنجي إلى أن ملف إعادة إعمار غزة يظل رهنًا بشروط سياسية صارمة فرضتها إسرائيل، حيث تربط هذه العملية بضرورة إنشاء إدارة جديدة للقطاع تُرضيها والمجتمع الدولي، فالرفض القاطع لدور حركة حماس، والتردد في قبول عودة السلطة الفلسطينية، يعكس رغبة إسرائيل في استخدام إعادة الإعمار كورقة ضغط لتحقيق أهدافها الاستراتيجية بعيدة المدى.

ولفت الانتباه إلى بروز الحاجة الملحّة لترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، فالأطراف الفلسطينية مدعوة لتقديم رؤية شاملة وموحدة لمستقبل القطاع، بما يضمن الحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية ويُحبط محاولات تكريس الانقسام، مشيرًا إلى أن الانقسام الداخلي بين حماس والسلطة الفلسطينية، وغياب استراتيجية وطنية جامعة، يضعف الموقف الفلسطيني ويمنح الاحتلال مساحة أكبر للتحكم بمستقبل القطاع.

واستطرد البستنجي قائلًا إن الاحتلال الإسرائيلي لم يتوقف عند حدود العدوان العسكري، فقد استمر بأشكال مختلفة، منها: الحصار، والتجويع، وعرقلة إعادة الإعمار، وهي أدوات تُستخدم لإبقاء غزة في حالة دائمة من الضعف والتبعية، وهذا النهج يعكس استراتيجية إسرائيلية طويلة الأمد تهدف إلى تفريغ القطاع من مقومات الحياة الطبيعية. بالتالي، يصبح من الضروري اتخاذ موقف فلسطيني موحد والعمل على حشد الدعم العربي والدولي، لتخفيف المعاناة عن القطاع وإعادة الحقوق الفلسطينية إلى مسارها الصحيح.

ورغم التحديات الجسيمة التي تواجه الفلسطينيين، تبقى الفرصة سانحة لإعادة ترتيب الأوراق واستثمار كل الجهود الممكنة، والمرحلة المقبلة تتطلب تكاتفًا فلسطينيًا داخليًا وجهودًا دبلوماسية مكثفة على المستوى الخارجي، لجعل إعادة الإعمار نقطة انطلاق لتعزيز الوحدة الوطنية واستعادة الحقوق، وفقًأ لما صرّح به البستنجي لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية.