جرار يتحدث لـ"أخبار الأردن" عن شكل غزة والسلطة المسؤولة عنها
قال عضو الحزب الجمهوري الأمريكي بشار جرار إن الصفقة المبرمة بين إسرائيل وحماس تحمل في طياتها العديد من الدلالات المهمة، التي تتجاوز مجرد وقف إطلاق النار أو تبادل الرهائن.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الصفقة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بـ "اليوم التالي" وبتأثيراتها الإقليمية، خاصة في سياق تداعيات حرب السابع من أكتوبر 2023، وما قد تحمله عودة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض من تغيرات جذرية في توجهات السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط.
وبيّن جرّار أنه من اللافت أن الإعلان عن اتفاق الهدنة المشروطة قبل خمسة أيام من تنصيب ترامب لم يكن مجرد تحرك ظرفي، ذلك أنه جاء متزامنًا مع تهديدات حادة من الرئيس المنتخب، الذي تعهد بفتح "أبواب جهنم" في حال عدم إفراج حماس عن الرهائن، مؤكدًا أن من بين هؤلاء الرهائن أمريكيون يحملون جنسية مزدوجة.
وذكر أن هذا التصعيد يعكس بوضوح نية ترامب في فرض سياسة أكثر تشددًا تجاه قضايا الشرق الأوسط، وهو ما يراه البعض ضروريًا لتحقيق استقرار المنطقة وفق رؤيته الشخصية.
في المقابل، لا يمكن التقليل من الجهود الاستثنائية التي بذلتها إدارة الرئيس جو بايدن في دعم إسرائيل بشكل غير مسبوق من الناحية العسكرية والدبلوماسية، مضيفًا أن هذا الدعم، الذي تزامن مع تعزيز التحالفات الإسرائيلية داخل المنطقة، مكن الحكومة الإسرائيلية من مواصلة حملتها العسكرية ضد "محور المقاومة والممانعة"، والذي يشمل حماس وحزب الله وحكومة بشار الأسد في سوريا، كما نجحت إسرائيل في ضرب الحوثيين في اليمن وتحييد الفصائل الموالية لإيران في العراق وسوريا.
وأشار جرار إلى أن هذه السياسات تكللت بنتائج ملموسة على الأرض، حيث يبدو أن التحديات الاستراتيجية التي كانت تهدد أمن إسرائيل قد تم تحجيمها بشكل ملحوظ.
اللافت في هذه الظروف هو الفشل المطلق لفكرة "البطة العرجاء" التي كانت سائدة سابقًا، إذ كان يعتقد أن إدارة بايدن ستكون محدودة القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة، لكن التفاهمات التي تمت بين إدارتي بايدن وترامب أفضت إلى نتائج ملحوظة، مستطردًا أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أكد أن "اليوم التالي" بعد تنفيذ الاتفاق لن يشهد أي وجود لحركة حماس كتنظيم مسلح أو كسلطة تهدد الأمن الإسرائيلي أو الأمن الإقليمي، وهو ما يعد تطورًا مهمًا في إعادة تشكيل موازين القوى في غزة والمنطقة ككل.
ولفت الانتباه إلى أن عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة بعد عقدين من الغياب تشير إلى أن المرحلة المقبلة ستكون لإعادة بناء النظام السياسي في غزة بشكل يتماشى مع المتغيرات الإقليمية والدولية، فرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، نجح في إقناع الأطراف الدولية بضرورة تفكيك سلطة حماس في غزة، مشيرًا إلى أنه لن يسمح بأن تكون غزة "حماسستان" كما كانت في الماضي، ولا أن تعود لتكون "فتحستان"، كما كان يروج البعض.
وقال جرار إن هذه التوجهات الجديدة في التعامل مع غزة تعكس رؤية أمريكية جادة لخلق "سلطة فلسطينية متجددة" كما وصفتها نائب الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، وهو مشروع يتجاوز مجرد إعادة هيكلة المؤسسات السياسية في غزة إلى إعادة تشكيل البنية السياسية الفلسطينية بشكل كامل، بما يعكس التوازن بين تطلعات الشعب الفلسطيني واحتياجات الأمن الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، يُعتبر نجاح المبعوث الأمريكي ستيفن ويتكوف في الضغط على نتانياهو لتقديم تنازلات غير مسبوقة خطوة هامة، إذ كشفت وسائل الإعلام في إسرائيل وأمريكا أن تهديدات ترامب قد تشمل إسرائيل نفسها، وهو ما يعكس تصميم الرئيس المنتخب على تحقيق وعوده الانتخابية، مثل "التهدئة" في المنطقة و"إنهاء الفوضى في الشرق الأوسط" بعد فوزه في الانتخابات، مشيرًا إلى أن ترامب يرى في تعزيز التطبيع بين إسرائيل والسعودية أولوية استراتيجية، وهو يسعى لإدخال دول إسلامية وعربية إضافية إلى اتفاقات إبراهيم كجزء من رؤيته الشاملة للشرق الأوسط.
لكن التحديات في "اليوم التالي" لا تتوقف عند غزة وحدها، فهي تمتد لتشمل مشاريع إعمار ما دمرته الحروب السابقة بين إسرائيل وحماس، والأهم من ذلك هو دعم جهود السلام والتنمية في المنطقة ككل، بما يتماشى مع مطالب قمتيّ الرياض العربية الإسلامية، التي دعت إلى تحقيق رؤية الدولتين وإحياء مبادرة السلام العربية التي تطالب بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، عاصمتها القدس الشرقية.
واختتم جرار حديثه بالقول إن قضية القدس تظل العقدة الأكثر تعقيدًا في العملية السياسية، إلا أنها لن تكون عصية عن الحل.