ما وراء مزادات أرقام اللوحات المميزة... عندما تتحوّل الأرقام إلى هوية

 

قال أستاذ علم الاجتماع الدكتور جهاد الحجي إنه يمكن فهم ظاهرة شراء أرقام لوحات المركبات المميزة بمبالغ طائلة، تصل إلى مئات الآلاف من الدنانير، باعتبارها تجليًا لمجموعة من العوامل الثقافية، والاقتصادية، والنفسية التي تتداخل مع البُنى الاجتماعية للفرد والمجتمع.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية أن المجتمعات التي تُعلي من شأن الرمزية المادية والتميّز الطبقي، يُصبح امتلاك لوحة مركبة تحمل رقمًا نادرًا أو مميزًا بمثابة استعراض للثراء وتعزيز للوجاهة الاجتماعية، وهذا السلوك يُعبر عن محاولة الأفراد ترسيخ مكانتهم الاجتماعية وخلق صورة ذهنية عن قوتهم الاقتصادية، وهو ما يندرج ضمن إطار "الثقافة الاستهلاكية" التي تُشجع على تحويل الممتلكات المادية إلى أدوات رمزية للتعبير عن الذات والتفاخر.

وبيّن الحجي أن هذه الظاهرة تعكس كذلك ما يُعرف في علم الاجتماع بـ "رأس المال الرمزي" حيث تتحول الممتلكات النادرة إلى مصدر للقوة الاجتماعية والهيمنة الرمزية، فاللوحة ذات الرقم المميز رمز يُفصح عن امتياز طبقي وفارق اجتماعي، يجعل صاحبها في مكانة مرموقة ضمن دوائر اجتماعية معينة، وهذا من شأنه أن يضع دوائر القرار في الصف ذاته، فهي المستفيدة من ذلك في المقام الأول.

من ناحية نفسية، أشار إلى أن هذا السلوك قد يكون مرتبطًا برغبة في تحقيق الإشباع النفسي، حيث يُسقط الأفراد جزءًا من تقديرهم لذواتهم على مقتنيات مادية تُمنح قيمة مضاعفة عبر الندرة والتفرد، كما قد يرتبط ذلك بوجود بيئة اجتماعية تُشجع على التفاخر وتُضفي قيمة مبالغًا فيها على المظاهر الخارجية، ما يُحفز الأفراد على الانخراط في سباق غير مرئي نحو تحقيق هذا النوع من التميز.

على المستوى الاقتصادي، نوّه الحجي إلى أن هذه الظاهرة دليل على اختلال في أولويات الإنفاق وتفاوت في توزيع الثروة، خصوصًا في المجتمعات التي تعاني من فجوات طبقية حادة، فالإنفاق المبالغ فيه على الكماليات، بينما توجد احتياجات أساسية غير ملباة لفئات أخرى، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول القيم الاجتماعية ومستويات الوعي المجتمعي.