محلل روسي: بوتين يدرك تناقض الغرب ونواياهم

 

تناول الكاتب والمحلل السياسي أليكس كويدان، الأبعاد المعقدة التي تشكل رؤية الرئيس فلاديمير بوتين للغرب.

وقال كويدان في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، إن نظرة بوتين للغرب تستند إلى مزيج من الإدراك التاريخي، والوعي بالتحولات الجيوسياسية، والإصرار على حماية المصالح القومية الروسية في مواجهة التحديات الدولية.

ووفقًا لكويدان، بوتين ينظر للغرب ككيان يطمح للهيمنة العالمية من جهة، وشريك محتمل لا غنى عنه في بعض القضايا الدولية من جهة أخرى، مضيفًا أن هذا التناقض يُفهم من خلال قراءة بوتين للتاريخ الحديث؛ إذ يعتبر أن الغرب تعامل مع روسيا منذ نهاية الحرب الباردة بوصفها طرفًا مهزومًا في النظام الدولي، ساعيًا إلى فرض شروطه عليها بدلًا من الاعتراف بها كقوة متكافئة.

وأضاف أن بوتين يعتبر توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) تجاه حدود روسيا، وفرض العقوبات الاقتصادية، ودعم الثورات الملونة في الدول المجاورة، مؤشرات واضحة على سعي الغرب إلى محاصرة النفوذ الروسي وإضعافه.

وأوضح كويدان أن بوتين يُدرك جيدًا أن القيم الليبرالية الغربية، رغم هيمنتها الثقافية والإعلامية، تعاني من أزمة وجودية داخل المجتمعات الغربية نفسها، فهو يعتقد أن هذه القيم أصبحت أداة ضغط سياسي أكثر منها نموذجًا عالميًا يمكن تبنيه، ومن هنا، تأتي انتقاداته المتكررة لما يُسميه "المعايير المزدوجة"، حيث تُستخدم الديمقراطية وحقوق الإنسان كذريعة للتدخل في شؤون الدول ذات السيادة، بينما تُتجاهل هذه القيم في حال تعارضها مع المصالح الغربية المباشرة.

وبحسب كويدان، فإن الأزمة الراهنة التي يواجهها الغرب، والمتمثلة في تصاعد الانقسامات السياسية الداخلية، وانحسار النفوذ الاقتصادي العالمي لصالح القوى الصاعدة مثل الصين، تُشكل فرصة تاريخية لروسيا حتّى تُثبت أقدامها كلاعب دولي مستقل، ولهذا السبب، يتبنى بوتين استراتيجية تقوم على تقليل الاعتماد على الشراكات الغربية من خلال تعزيز التعاون مع القوى الصاعدة في آسيا، والشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية، مع التركيز على بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب يُعيد التوازن إلى العلاقات الدولية.

وأشار إلى أن بوتين لا ينظر إلى الغرب كعدو دائم، بل كطرف يمكن التعاون معه إذا ما توفرت شروط عادلة للعلاقة، ومع ذلك، فإنه يرى أن تحقيق هذه الشروط يتطلب من روسيا أن تكون قوية وقادرة على فرض احترامها من خلال مزيج من القوة الاقتصادية، والقدرات العسكرية، والاعتماد على الذات في المجالات الحيوية مثل التكنولوجيا والطاقة.

واختتم كويدان تحليله بالإشارة إلى إدراك بوتين بأن العلاقة مع الغرب لن تكون أبدًا علاقة متكافئة إلا إذا تمكنت روسيا من فرض نفسها كقوة لا يمكن تجاهلها، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.