سمور يتحدث لـ"أخبار الأردن" عن أشكال المقاومة في الضفة الغربية

 

قال الكاتب والباحث في الشؤون الإسرائيلية سري سمور إن الضفة الغربية تشهد حالة معقدة من التمزق تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمارس سياسات ممنهجة تسعى لإعادة تشكيل الجغرافيا والديموغرافيا لصالح مشاريعه الاستيطانية.

وأوضح في تصريح خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن ذلك يمكن ملاحظته في الشمال، وبالتحديد في جنين وطولكرم، إذ يتبنى الاحتلال استراتيجية تعتمد على الاقتحامات المتكررة والتدمير المنظم للبنية التحتية، في وقت أصبحت فيه هذه الاقتحامات روتينية، حيث لا تكاد قوات الاحتلال تغيب عن هذه المدن حتى تعود بعد أيام معدودة لتجدد عدوانها، مستهدفة البيوت والمرافق العامة والطرقات، ما يحوّل الحياة إلى معاناة يومية مستمرة.

وفي مخيم جنين تحديدًا، يبدو المشهد أكثر وضوحًا؛ فالعدوان يتجاوز حدوده التقليدية ليصبح تدميرًا شاملاً يهدف إلى نزع مقومات الحياة، فيما تستهدف البنية التحتية بشكل ممنهج، بالتزامن مع الضغط الاقتصادي الذي يزيد الأمور تعقيدًا، ليُضاف إليه القتل والاعتقالات الجماعية. وفي الأسابيع الأخيرة فقط، فقدت المنطقة 9 من شبابها في عمليات قتل مباشرة نفذتها قوات الاحتلال، في ظل سياسة تمتد لتجريد المجتمع بأسره من صموده، وفقًا لما صرّح به سمور لصحيفة "أخبار الأردن".

ترسيخ الاحتلال من خلال أذرعه الاستيطانية

وأشار إلى أن المستوطنين يقومون بارتكاب جرائمهم بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم، والمشهد في بلدة بيت فوريك قضاء نابلس مثال حيّ، وبشكل خاص مع هجمات المستوطنين على الحقول والمنازل بوتيرة منهجية. وقد تصدى الأهالي لهم اليوم، ما أسفر عن إصابات بين المواطنين. وهذا النموذج لا يقتصر على بيت فوريك، بل يتكرر في مناطق مثل بورين وبرقة قرب نابلس، ورام الله، حيث تنفذ هذه الاعتداءات بخطط محكمة تهدف إلى تهجير السكان وزعزعة أمنهم.

المقاومة: شمال الضفة يتصدر المشهد

وأضاف سمور أن المقاومة الفلسطينية تتخذ أشكالًا مختلفة تتفاوت قوتها حسب المناطق. ففي شمال الضفة، وبالأخص في جنين وطولكرم، تنشط خلايا مقاومة منظمة تسعى لصد الاحتلال وإفشال مخططاته. أما في الجنوب ووسط الضفة، فتقتصر الأنشطة على عمليات فردية أو تحركات لخلايا محدودة، دون أن تصل إلى حالة المقاومة الجماعية المتجذرة كما هو الحال في الشمال. وهذا الفارق يعكس استراتيجية الاحتلال في استنزاف الشمال عسكريًا وتجفيفه اقتصاديًا، بينما يُبقي على مناطق أخرى تحت تأثير الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.

السياسات الإسرائيلية: ضمّ تدريجي برعاية أمريكية

ونوّه إلى أن سياسة الحكومة الإسرائيلية واضحة، فالهدف الأساسي هو الضم التدريجي للأراضي الفلسطينية، من خلال فرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات وشرعنة وجودها. وهذا التوجه يعتمد بشكل كامل على الدعم الأمريكي أو على الأقل التغاضي عنه. ومع عودة الحديث عن إدارة ترامب واحتمالات دعمها العلني لهذه السياسات، يتزايد القلق بشأن تسارع عمليات الضم. مستطردًا أن ما يردده الخطاب الفلسطيني عن صمود الشعب، لا يلتقي مع فقدان الأرض والحقوق، وآثار ذلك على الجانب النفسي والاجتماعي، خاصة مع محاولات الاحتلال المستمرة لجعل الحياة مستحيلة للسكان المحليين.

جنين كمثال: سياسة التهجير الطوعي

جنين، على الرغم من خلوها من المستوطنات، إلا أنها تُستهدف بسياسات تهدف إلى تحويلها إلى بيئة طاردة لسكانها. ويظهر ذلك من خلال انقطاع التيار الكهربائي، وتخريب شبكات المياه، إلى جانب تدمير الاقتصاد المحلي لتفريغ المدينة من أهلها. بينما الأشد خطورة هو انعدام الأمن؛ إذ تتحول حياة المواطن إلى حالة من الترقب الدائم لكل حركة أو نشاط يومي. فالاقتحامات المفاجئة، وإطلاق النار العشوائي، وتجريف الممتلكات تجعل البقاء في هذه المناطق تحديًا يفوق قدرة أي مجتمع.

الدور الأمريكي: ضوء أخضر للاحتلال

وصرّح سمور أن الاحتلال الإسرائيلي لا يتحرك في فراغ؛ فهو يعتمد على الضوء الأخضر الأمريكي أو على الأقل سياسة التغاضي التي مارستها معظم الإدارات الأمريكية السابقة. وما نشهده اليوم ليس جديدًا؛ فبيانات الإدانة الخجولة أو التعبير عن القلق دون اتخاذ أي إجراءات عملية باتت جزءًا من السياسة الأمريكية التقليدية تجاه فلسطين. وهذا الموقف يُفسح المجال أمام إسرائيل لمواصلة مشروعها الاستيطاني دون خوف من عواقب دولية.

الضفة الغربية: إلى أين؟

وذكر أن مسألة سير الضفة نحو المجهول يبدو غير دقيقة؛ فالمشهد يتجه بوضوح نحو تصعيد معقد يُنذر بانفجار شامل، من خلال تداخل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تجعل من الصعب تقديم إجابة حاسمة حول مآلات الوضع. لكنه يضعنا أمام حقيقة واحدة، وهي أن الشعب الفلسطيني يقف أمام اختبار جديد من صموده في مواجهة مخططات تهدف إلى اقتلاعه من جذوره.