هل تبدد الأخبار المبشرة تشاؤم الأردنيين؟.. خبير يجيب "أخبار الأردن"

 

قال الخبير الاقتصادي حسام عايش، إن النظرة التشاؤمية قد تحمل أحيانًا أبعادًا بنّاءة؛ فالتشاؤم جزءٌ لا يتجزأ من العملية الاقتصادية والاجتماعية، كما هو الحال مع التفاؤل، لا بل قد يُنظر إلى التشاؤم على أنه دافع للمُتفائلين لإثبات خطأ المشككين عبر تقديم مؤشرات حقيقية ومُثبتة تُبرهن على صحة تفاؤلهم.

وأوضح عايش في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن هذه المؤشرات، إذا ما انعكست بوضوح على الواقع، تُسهم في تهدئة الأصوات الناقدة وتُقلل من حدّة التشاؤم.

وفيما يتعلق بالقضايا المطروحة مثل التصنيف الائتماني، واكتشافات الغاز، وتراجع أسعار الفائدة، بيّن عايش أن قيمتها الحقيقية لا تُقاس فقط بمؤشراتها النظرية، بل بما تُحدثه من أثر ملموس على حياة المواطنين اليومية، إذ يجب أن يظهر أثرها على مستويات المعيشة، والدخل، وتكاليف الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والإسكان، وكذلك على أسعار الغذاء والطاقة والنقل.

ونوّه إلى أن أهمية هذه المؤشرات لا تنبع فقط من وجودها، بل من قدرتها على تحسين حياة الناس، وهو ما يفرض على الحكومات أن تشرح بعناية كيفية ترجمة هذه المؤشرات إلى فوائد عملية، تلمسها الأسر والأفراد في حياتهم.

وأشار إلى أنه من المؤكد أن لهذه المؤشرات عوائد، لكنها قد تكون طويلة الأمد أو غير محسوسة فورًا، فبينما قد تستغرق هذه النتائج أشهر أو سنوات لتظهر، تبقى هناك فجوة متزايدة بين ثقة المواطنين ومؤسسات الدولة، تعيق تقليص حالة التشاؤم العام.

وفي هذا السياق، يُلاحظ أن الشعب الأردني – كغيره من الشعوب – قد أصبح أكثر تشككًا نتيجة تكرار الوعود الكبيرة دون ترجمتها إلى واقع ملموس، وغالبًا ما يُقال الكثير عن إنجازات قادمة، ولكن قلّما يشعر المواطن العادي بآثارها الإيجابية، وهذا الواقع يجعل التشاؤم هو الصوت الأعلى، إذ يظل الأثر المباشر للمؤشرات الاقتصادية غائبًا عن حياة الناس اليومية.

وذكر عايش أن تثبيت التصنيف الائتماني يعد إنجازًا مهمًا من الناحية الاقتصادية، لكنه لا يحمل تأثيرًا مباشرًا وفوريًا على المواطن، وهذا التصنيف يُسهم في استقرار مالي ونقدي، ويحدّ من التضخم، ويخفض تكاليف الاقتراض الحكومي، ولكن بالنسبة للمواطن العادي، مثل هذه الآثار تحتاج إلى تفسير واضح لإظهار كيف يُمكن أن تُخفّف من أعبائه اليومية. فالمديونية الحكومية العالية، فعلى سبيل المثال، تُرهق الموازنة العامة بسبب ارتفاع فوائد القروض، ما ينعكس سلبًا على قدرة الدولة على الإنفاق الاستثماري، ويُبقي معدلات البطالة والفقر مرتفعة.

أما فيما يخص اكتشافات الغاز، فلا تزال الصورة غير واضحة بشأن حجم الاحتياطيات وجدوى استخراجها، وحتى إذا ثبُت وجود كميات كافية، فإن استخراجها قد يستغرق سنوات، تتراوح بين ثلاث إلى خمس، يعتمد خلالها القرار على أسعار الغاز العالمية ومدى ملاءمة السوق، جنبًا إلى جنب مع المخاطر المرتبطة بانخفاض الأسعار، إما نتيجة لاكتشافات غازية جديدة على المستوى العالمي، أو بسبب تغيرات في العلاقات السياسية والاقتصادية، مثل اتفاقيات محتملة بين أوروبا وروسيا، وهذا الأمر يتطلب من الحكومة تقديم خطط واقعية ومبنية على بيانات دقيقة تُبيّن الجدوى الاقتصادية لهذه الاكتشافات، بدلًا من التسرّع في إطلاق وعود مستقبلية قد تكون بعيدة عن الواقع، وفقًا لما صرّح به عايش لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

من الناحية النظرية، أكد إيجابية هذه المؤشرات بلا شك، ولكن من الناحية العملية، غياب العائد المباشر والمحسوس يجعل هذه المؤشرات تبدو بعيدة عن اهتمامات المواطن العادي، فالتجارب الدولية تُظهر هذا الواقع بوضوح، وفي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، رغم تحقيق الاقتصاد الكلي أداءً مميزًا، لم يشعر المواطنون – خاصة الشباب وكبار السن – بتحسّن فعلي في مستوى معيشتهم، ما دفعهم للتصويت ضد الحزب الديمقراطي لصالح الحزب الجمهوري، الذي ركّز في حملته على تحقيق عائد ملموس للناس، وليس مجرد تحسين الأرقام والمؤشرات.

ونوّه عايش إلى أن التحدي الأكبر الحكومة لا يكمن في تحقيق المؤشرات الإيجابية بحد ذاتها، بل في القدرة على ترجمتها إلى نتائج عملية تُحسن حياة المواطنين، فعندما يشعر الناس بالفوائد المباشرة، يمكن تقليص فجوة الثقة، والتخفيف من النبرة التشاؤمية، وتحقيق انسجام حقيقي بين المؤشرات الاقتصادية ومتطلبات الحياة اليومية.