28% من الأردنيين بلا تأمين صحي.. من يتحمل ثمن الفوضى؟

 

قال أمين الصندوق التعاوني في نقابة الأطباء الدكتور محمد حسن الطراونة، إن منظومة التأمين الصحي الخاص في الأردن تواجه تحديات عميقة نتيجة افتقارها للمرجعية والتنظيم، ما تسبب بحالة من الفوضى والتداخل في الحقوق والواجبات بين مختلف الأطراف، مؤكدًا الحاجة إلى تدخل حكومي عاجل لإصلاح جذري وشامل.  

وأوضح الطراونة في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن اللائحة الجديدة التي أعدتها نقابة الأطباء وضعت حدًا أدنى وأعلى لأجور الأطباء بهدف خلق توازن عادل ومنع أي تغوّل على أي طرف، مضيفًا أن هذه اللائحة تأتي في إطار تنظيمي يحدد الإجراءات الطبية المسموح لكل طبيب بممارستها وفق تخصصه، ما يعزز من جودة الخدمات الطبية ويحد من التجاوزات.  

وأشار الطراونة إلى أن تعديل لائحة الأجور حق دستوري أصيل للنقابة، ولا يهدف إلى زيادة الأسعار بقدر ما يسعى إلى تنظيم عملية تحصيل الأجور، وضمان الحقوق، وإزالة التداخلات بين التخصصات، هذه اللائحة تمثل نظامًا مرجعيًا وقانونيًا تستند إليه جميع الجهات المعنية.  

ووصف منظومة التأمين الصحي الخاص في الأردن بأنها "مشوّهة"، مشيرًا إلى أن ثلث الأردنيين فقط يتمتعون بتأمين صحي واحد، بينما يحمل ثلث آخر أكثر من تأمين، في حين يفتقر نحو 28-29% من السكان لأي تغطية صحية، منوهًا إلى أن هذا التفاوت يعكس غياب العدالة والشمولية في النظام الصحي، ويؤثر بشكل مباشر على الأمن الصحي الوطني.  

وأعرب الطراونة عن استيائه من إبقاء أجور الأطباء دون تغيير منذ عام 2008، معتبرًا ذلك ظلمًا بحق الأطباء الذين يعانون من ضغوط اقتصادية ومهنية متزايدة، إذ إن الجهات الدافعة للفاتورة التأمينية مارست نفوذًا لعرقلة تعديل لائحة الأجور، رغم رفعها أقساط التأمين على المؤمنين عدة مرات خلال السنوات الماضية، وأدى هذا الوضع إلى انتهاك حقوق الأطباء، حيث يحصل بعض الاستشاريين على أجور متدنية للغاية لا تتناسب مع حجم المسؤولية والمخاطر المهنية.  

وبيّن أن تدني أجور الأطباء الأردنيين مقارنة بدول المنطقة أسهم بشكل مباشر في هجرة الكفاءات الطبية إلى الخارج، ما يشكل تهديدًا لقدرة القطاع الصحي الوطني على توفير خدمات ذات جودة عالية، مضيفًا أن الأطباء يواجهون التزامات مالية كبيرة ومخاطر مهنية تشمل التعرض للأمراض، والإشعاعات، والعدوى، ما يجعل تحسين أوضاعهم ضرورة وطنية.  

وطرح الطراونة الصندوق التعاوني كإطار تنظيمي حيوي يمكن أن يعيد التوازن إلى العلاقة بين الأطباء والجهات الدافعة للفاتورة التأمينية، مؤكدًا أن هذا الصندوق، الذي أصبح جاهزًا للتطبيق بعد نشر تعليماته في الجريدة الرسمية، يُعد الجهة الرقابية المشرفة على العمليات التعاقدية، كما أنه يوفر آلية مرنة لتسديد المطالبات المالية وضبط العلاقة بين الأطراف، بما يضمن حقوق الجميع ويحقق خدمة مثلى للمؤمنين.  

وفي ختام حديثه، دعا الحكومة، ممثلة بوزير الصحة ومحافظ البنك المركزي، إلى تحمل مسؤولياتها الدستورية والقانونية من خلال تطبيق التسعيرة المُقرّة والمنشورة في الجريدة الرسمية، منوهًا إلى أن هذه الخطوة ليست مجرد مطلب للأطباء، بل ضرورة وطنية لحماية الأمن الصحي الأردني وإعادة هيكلة العلاقة بين الأطراف المعنية في منظومة التأمين الصحي الخاص.