كيف سيُحدث تدريب 15 ألف موظف على الذكاء الاصطناعي نقلة في كفاءة الحكومة؟

 

قال استشاري الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي المهندس هاني البطش إن الأردن حقق خطوات مهمة في بناء قاعدة معرفية وبحثية متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، ورغم التأخر النسبي مقارنةً ببعض الدول الرائدة في هذا المجال، إلا أنه أُنشئ قسم خاص بالذكاء الاصطناعي ضمن وزارة الريادة والاقتصاد الرقمي في عام 2020.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه الخطوة تعد علامة فارقة، حيث عكست التزام الأردن بتطوير استراتيجية وطنية شاملة للذكاء الاصطناعي، إلى جانب وضع ميثاق لأخلاقيات استخدامه. واليوم، تحوّل هذا القسم إلى مديرية، مما يُبرز التوجه الجاد نحو وضع خطط تطويرية واضحة ومدروسة.

وبيّن أن الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي تتألف من خمسة محاور رئيسية تهدف إلى تمكين البلاد من الاستفادة القصوى من هذه التقنية، ليتمثل المحور الأول في بناء القدرات وتطوير المهارات المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تُعنى الاستراتيجية بتأهيل الكفاءات الوطنية، أما المحور الثاني، فهو تشجيع البحث العلمي ودعم المشاريع التي تساهم في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وابتكاراته، فيما يأتي المحور الثالث لتعزيز بيئة الاستثمار وريادة الأعمال التقنية، عبر تهيئة المناخ الاستثماري الذي يشجع على تأسيس الشركات الناشئة ودعم المشاريع الابتكارية في هذا المجال.

ويركز المحور الرابع على توفير بيئة تشريعية وتنظيمية تضمن وجود قوانين وتشريعات تعزز الاستخدام الآمن والمسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي، بينما يهدف المحور الخامس إلى تطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة القطاع العام ورفع جودة الخدمات في القطاعات الحيوية، مثل الصحة، والتعليم، والنقل، وفقًا للبطش.

وبيّن أن الوعي بأهمية الذكاء الاصطناعي ودوره في صنع القرار الحكومي وتوجيه السياسات العامة قد تنامى، فقد قامت الحكومة الأردنية، ممثلةً بوزارة الريادة والاقتصاد الرقمي، باتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز هذا الوعي وتوسيع نطاق استخدامات الذكاء الاصطناعي في القطاعين الحكومي والخدمي، إذ تُشرف مديرية الذكاء الاصطناعي في الوزارة على تنفيذ استراتيجية وطنية تهدف إلى تعزيز القدرات المحلية وتشجيع البحث العلمي، بالإضافة إلى تحسين البيئة الاستثمارية ودعم ريادة الأعمال في هذا المجال.

وذكر البطش أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى إدماج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات لزيادة كفاءة القطاع العام في مجالات حيوية مثل الصحة، والتعليم، والنقل، فيما أطلقت الوزارة مبادرة طموحة لتدريب 15 ألف موظف حكومي على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهي خطوة تسهم في بناء اقتصاد رقمي مستدام ورفع مستوى الكفاءة الحكومية، مضيفًا أنها تأتي ضمن رؤية جلالة الملك التي تدعو إلى تطوير الأردن ليصبح مركزًا إقليميًا للابتكار والتكنولوجيا، ما يعزز مكانة الأردن ويزيد من فعالية العمليات الحكومية من حيث الشفافية وتقديم خدمات أسرع وأكثر مرونة للمواطنين.

ونوّه إلى أن هناك مخاوف أخلاقية واجتماعية محيطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وأبرزها التحيز المحتمل في الخوارزميات التي يتم تطويرها، فقد يظهر هذا التحيز نتيجة التفاوت في البيانات المستخدمة لتدريب هذه الأنظمة، ما قد يؤثر سلبًا على الفئات المستهدفة إذا لم تتم مراجعة البيانات بانتظام لضمان الشمولية، كذلك، تُعد الخصوصية وحماية البيانات من المحاور الحساسة، إذ إن تبادل البيانات بين الوزارات بطريقة غير قانونية قد يعرّض الجهات المعنية لمشاكل قانونية واجتماعية.

وأكد البطش أن الأمر يتطلب أيضًا تعزيز الشفافية والمساءلة لضمان أن تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي ضمن إطار أخلاقي واضح، حيث أن هذه الأنظمة تعتمد على عمليات حسابية رياضية، ومن الضروري وجود آليات دقيقة للمراجعة والتدقيق لاكتشاف وتصحيح أي خلل قد يحدث، كما أن إنشاء ميثاق لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي وتشريعات قوية لحماية البيانات، بما يحد من الوصول إليها إلا ضمن نطاق محدد وتحت إشراف مسؤولين مؤهلين، سيساهم في بناء ثقة بين المؤسسات والمستخدمين ويساعد في تحقيق الابتكار بأمان وفعالية.

وقال البطش إنه من المهم أن ترافق هذه الجهود سياسات وتشريعات داعمة لا تقف عائقًا أمام الابتكار، وتمنح الموظفين في القطاع العام هامشًا من التجربة والخطأ المدروس، بما يسهم في تحقيق التطوير التكنولوجي دون المساس بالجودة، ويشجع على خلق بيئة محفزة للبحث والتطوير.