عضو الحزب الجمهوري جرار يتحدث لـ"أخبار الأردن" عمّا يدور داخل أروقة القرار في واشنطن بشأن الأردن وفلسطين
قال عضو الحزب الجمهوري الأمريكي بشار جرار إن المشهد الانتخابي الحالي في الولايات المتحدة ينطوي على أبعاد فريدة تجعله مشهدًا معقدًا وغير مسبوق.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن تحليل هذا المشهد بعمق، يتطلب فهم أبعاده المتشابكة، إذ نجد أن الحملات الانتخابية الأميركية قد تجاوزت تقليدياتها المعتادة من السجال والتصريحات الهجومية، لتصل إلى مستوى من التدني في الخطاب لم نشهده سابقًا، فقد أصبحت المفردات المستخدمة أشد حدة وتحريضًا، فيما يعكس نوعًا من اللامسؤولية تجاه ما يترتب على هذه التعبئة المتطرفة من عواقب سياسية واجتماعية.
وأكد جرار أن ما يجعل هذا المشهد الانتخابي غير اعتيادي هو وقوع محاولتي اغتيال استهدفت مرشحًا رئاسيًا، إلى جانب سلسلة من الملاحقات القضائية ذات الدوافع السياسية التي طالت أحد المرشحين لأشهر عدة، في تطور لم نشهده من قبل، مضيفًا أن هذا الانقسام الحاد ليس فقط بين الحزبين الرئيسيين، بل أيضًا داخل أجنحة كل حزب، مما يضيف بعدًا غير مستقر ينعكس على شكل انشقاقات وخصومات داخلية.
أما على الصعيد الدولي، أشار إلى أن تأثير هذه الانتخابات يتجاوز حدود الولايات المتحدة ليشمل قضايا استراتيجية تمس مستقبل الحرب على الإرهاب، وحرب أوكرانيا، والسياسات تجاه روسيا والصين، والعلاقات مع حلف الناتو، وكذلك التوترات المتصاعدة مع إيران والمحور الذي يسمى بـ"محور الشر"، ليعكس هذا المشهد أبعادًا استراتيجية معقدة تضع علاقات الولايات المتحدة مع الدول الأخرى في ميزان حساس، يتأثر بعمق بتوجهات الإدارة الأمريكية المقبلة.
من حيث التوقيت، قال جرار إنه الخامس من نوفمبر سيكون موعدًا حاسمًا، لكن هناك احتمالات بأن تمتد عملية عد الأصوات لأيام طويلة، وربما تنشب صراعات قانونية تُعيد إلى الأذهان ما حدث في انتخابات 2016 و2020، مضيفًا أن هذه التداعيات تجعل من قراءة المشهد عملية معقدة تتطلب تجرّدًا من الانحيازات المسبقة، حيث تترقب بعض القيادات السياسية في الشرق الأوسط، ومنها الأردن، ما ستسفر عنه هذه الانتخابات، فعودة ترامب إلى البيت الأبيض، أو فوز الحزب الديمقراطي، أكبر من مجرد مسائل داخلية، فهي ترتبط بمصير سياسات استراتيجية ستؤثر على المنطقة بشكل واسع.
بالنسبة للأردن، ورغم هذه التحولات، فإنه يعتمد في علاقاته مع الولايات المتحدة على أسس مؤسسية ثابتة، فقد دأب الأردن على التعامل مع المؤسسات الأميركية بغض النظر عن هوية الرئيس، وتجسدت هذه النظرة في مواقف الملك عبد الله الثاني، إذ أشار في تصريحات سابقة إلى أن الأردن يحترم مؤسسات الدولة الأمريكية، مستندًا إلى علاقة طويلة ممتدة منذ 1949، اتسمت بالشراكة الاستراتيجية المستمرة، بصرف النظر عن طبيعة الإدارة الحاكمة، فقد شهدت العلاقة الأردنية-الأمريكية اختلافات سياسية واضحة مع رؤساء سابقين مثل ريغان وترامب وحتى بايدن، إلا أن التعاون المؤسسي ظل قائمًا، وفقًا لما صرّح به جرار لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وأشار إلى أن هناك إجماع بأن الأردن أكثر أهمية من إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية من الناحية الاستراتيجية.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بيّن أن هذا المصطلح لا يُذكر في الخطاب السياسي والإعلامي الأمريكي، إذ يشار غالبًا إلى "الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي"، وبالنسبة لصانع القرار الأمريكي، فإن الانحياز لإسرائيل يظل قاعدة ثابتة، مدعومة بأسباب تاريخية واستراتيجية، بغض النظر عن الحزب الحاكم، فالإدارات الأمريكية، وإن اختلفت في العلن حول بعض السياسات، إلا أن دعمها لإسرائيل لم يتراجع؛ فقد شهدت فترة أوباما دعمًا غير مسبوق، ويبدو أن إدارة بايدن تتفوق في هذا السياق.
ونوّه جرار إلى أن الأولوية تأتي دائمًا للأمن الإسرائيلي، ويجري ضبط إيقاع العلاقة مع الحلفاء العرب بشكل يتوازن مع المصالح الإسرائيلية، وتبعًا لهذا، قد تشهد السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية تغييرات جوهرية تتأرجح بين استراتيجيات الحزبين، فالانتخابات الأمريكية الراهنة لها تداعيات استراتيجية تمس العلاقات الثنائية، وخاصة ما يتعلق بالتحالفات والملفات الإقليمية الحساسة.