أبو غنيمة لـ"أخبار الأردن": جنين تشهد مخططًا توراتيًا بتنازل من السلطة

قال الباحث والناشط السياسي الدكتور أحمد أبو غنيمة إن الهجوم الإسرائيلي على جنين يمثل صفحة جديدة في المخطط الصهيوني الساعي إلى فرض السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، تحت غطاء خطاب توراتي يُستخدم لشرعنة الاستيطان وضم الأراضي.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنه في ظل الانتهاكات المتكررة التي يمارسها جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين، تسعى إسرائيل إلى قمع المقاومة الفلسطينية المتصاعدة وإخضاع الضفة الغربية بالقوة العسكرية، وسط تراجع واضح في دور السلطة الفلسطينية وفشلها في احتواء الموقف.
الأطماع الصهيونية في "يهودا والسامرة"
وبيّن أبو غنيمة أن تصريحات رموز اليمين الصهيوني المتطرف، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، أظهرت النوايا الحقيقية تجاه الضفة الغربية، والتي يتم الإصرار على دمجها الكامل في الكيان الإسرائيلي تحت مسمى "يهودا والسامرة"، إذ لم تقتصر هذه الأطماع على الداخل الإسرائيلي فقط، إذ لاقت دعمًا من شخصيات سياسية دولية، مثل أليس ستيفانيك، المرشحة لمنصب سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، التي نقلت عنها القناة 12 الإسرائيلية تصريحًا مثيرًا: "نتفق مع سموتريتش وبن غفير على أن لإسرائيل حق كتابي في جميع أراضي يهودا والسامرة".
ورغم تصاعد وتيرة العنف الإسرائيلي، أثبتت المقاومة الفلسطينية قدرتها على الصمود والتصدي لمخططات الاحتلال، فالعمليات العسكرية الإسرائيلية المتكررة في جنين ومناطق أخرى فشلت في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، ذلك أن المقاومة أصبحت اليوم السد الأخير الذي يحول دون تحقيق إسرائيل أهدافها التوسعية، وفقًا لما صرّح به أبو غنيمة لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
السلطة الفلسطينية: بين الانسحاب والتواطؤ
وذكر أن التصعيد الإسرائيلي تزامن مع انسحاب السلطة الفلسطينية من واجباتها الوطنية، ما سمح للاحتلال بالمضي قدمًا في مخططاته، وهذا التواطؤ، سواء كان مقصودًا أم نتيجة ضعف داخلي، أثار موجة من الغضب الشعبي، إذ يشعر الفلسطينيون بأن السلطة، بدلًا من حماية شعبها، تمارس دورًا متخاذلًا يخدم مصالح الاحتلال.
وأشار أبو غنيمة أن التنسيق الأمني مع الاحتلال، الذي لا يزال مستمرًا رغم المطالب الشعبية بوقفه، يُعد أكبر معضلة تواجه السلطة الفلسطينية، فاستمرار هذا التنسيق يؤدي إلى تقويض مصداقية السلطة أمام شعبها، ويعزز الانقسام الداخلي ويعطي الاحتلال مساحة أكبر للمناورة.
واستطرد قائلًا إن الهجوم على جنين ليس سوى خطوة أولى في مشروع أكبر يهدف إلى فرض واقع جديد في الضفة الغربية، وفي الوقت نفسه، لا يمكن فصل هذا التصعيد عن السيناريوهات المستقبلية لغزة، فإسرائيل تدرك أن استمرار سيطرة حماس على القطاع، رغم ضعفها الحالي، قد يمنح الاحتلال مبررًا دائمًا لتأجيل أي تسوية سياسية شاملة.
إن المرحلة القادمة تفرض تحديات غير مسبوقة على الفلسطينيين، سواء على صعيد المقاومة الشعبية أو إعادة ترتيب البيت الداخلي، وما بين مخططات الاحتلال التوسعية، وتواطؤ بعض الأطراف الدولية، وغياب رؤية وطنية موحدة، يبدو أن الصراع قد دخل مرحلة جديدة تتطلب استعدادًا استثنائيًا وإعادة تقييم شاملة للمواقف والسياسات لمواجهة التحديات المقبلة.