الفوترة الضريبية.. ضمانة للجميع

  سلامة الدرعاوي

العدالة المالية لا تتحقق فقط من خلال فرض الضرائب، بل من خلال ضمان أن كل قطاع اقتصادي يسهم بنصيبه العادل في الإيرادات الوطنية، فنظام الفوترة الوطني يُعتبر وسيلة فعالة لتحقيق هذا الهدف، فهو لا يعالج فقط مسألة التهرب الضريبي، بل يساهم في تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص بين مختلف المكلفين، وكل مكلف أو مقدم خدمة ملزم بإصدار فاتورة للمستهلك، وهذا يعزز من الثقة بين الأطراف المعنية، ويُحكم الرقابة على المعاملات التجارية.

نظام الفوترة يُعتبر إحدى الركائز الأساسية في مكافحة التهرب الضريبي وتحقيق العدالة المالية في الأردن، إذ إنه ومنذ إطلاقه، تم تسجيل نحو 100 ألف مكلف، بينما بلغ عدد الفواتير الإلكترونية التي تم إصدارها عبر النظام خلال هذا العام أكثر من 15 مليون فاتورة، فهذه الأرقام تعكس تحولًا نوعيًا في العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص والمستهلكين، وتؤكد أهمية الشفافية والمساءلة في التعاملات المالية. 
النظام أصبح حجر الأساس في عملية الشفافية الضريبية، حيث يعكس الجهود المتواصلة لضبط التهرب الضريبي وضمان أن كل عملية تجارية تتم بتوثيق إلكتروني شفاف، لكن الأهمية الأكبر تأتي من الرقم الذي يشير إلى أن 2 مليون حالة من المكلفين قد استفادت من الخدمات الضريبية التي تقدمها دائرة ضريبة الدخل والمبيعات إلكترونيًا خلال هذا العام، مما يعكس انتشار النظام ونجاحه في الوصول إلى شرائح المكلفين. 
حق المواطن في الحصول على فاتورة عند كل عملية شراء أو خدمة يتلقاها هو مبدأ أساسي من مبادئ العدالة المالية، فالفاتورة ليست مجرد وثيقة، بل هي ضمانة لحق المستهلك، ووسيلة لضبط الإيرادات الضريبية بشكل عادل بين جميع القطاعات الاقتصادية، وعدم إصدار الفواتير من بعض القطاعات هو شكل من أشكال التهرب الضريبي، الذي يؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني، ويُعد انتهاكًا لحقوق المواطنين.
إصلاح النظام المالي في الأردن بدأ يأخذ خطوات ملموسة منذ عام 2019، وكان لنظام الفوترة الوطني دور كبير في هذا التحول، لكن التحديات ما تزال قائمة، فهناك قطاعات معروفة بمقاومتها للنظام ومحاولاتها الالتفاف على قواعده، وهذه الممارسات تُعد تهربًا ضريبيًا واضحًا، لذلك يجب أن يكون القانون صارمًا في التعامل مع هذه الحالات، ويجب فرض عقوبات رادعة على المخالفين، لضمان أن كل قطاع اقتصادي يؤدي واجبه الضريبي على قدم المساواة مع غيره.
نظام الفوترة يهدف إلى ضبط الثغرات وتحقيق العدالة، حيث يتم توثيق كل معاملة تجارية من خلال الفواتير الإلكترونية، مما يقلل من فرص التهرب الضريبي، فالأرقام تظهر بوضوح نجاح هذا النظام في جعل التعاملات أكثر شفافية، حيث تم تقديم 450 ألف إقرار ضريبي إلكترونيًا هذا العام، مما يشير إلى زيادة كبيرة في التزام المكلفين وإدراكهم لأهمية النظام. أخيرًا، الإصلاح المالي الحقيقي يتطلب تعاون الجميع، والمكلفون الذين يحاولون الالتفاف على النظام يجب أن يُواجهوا بعقوبات صارمة، إذ إنه ومن خلال هذه الإجراءات يمكن تحقيق العدالة وضمان أن كل ذي حق يأخذ حقه، وأن تساهم جميع القطاعات الاقتصادية في دعم الاقتصاد الوطني بشكل عادل ومستدام.