غنيمات يكتب: تهديدات وتحديات… الحذر مطلوب
طلال غنيمات
يشهد الأردن، في ظل المرحلة الحرجة التي تمر بها المنطقة، تطورات غير مسبوقة تضعه أمام تحديات معقدة وخطيرة، ما يدفع المملكة إلى اتخاذ مواقف حازمة على مختلف الأصعدة.
في كلمته أمام الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وجه جلالة الملك عبد الله الثاني رسالة قوية تحمل أبعادًا استراتيجية وسياسية.
كما أن تحركات جلالته وإيماءاته كانت بليغة وتستوجب قراءة دقيقة، وبشكلٍ خاص من قبل المجتمع الدولي وعلى رأسه إسرائيل، فجلالته لم يكن يخاطب الأمم المتحدة فحسب، بل كان يعيد توجيه البوصلة العالمية نحو أزمة شرعية المؤسسات الدولية وتهديدات انهيار الثقة بالنظام الدولي.
حديث جلالته عن الوضع الإقليمي عكس فهمًا عميقًا للمشهد، إذ أشار إلى نشأته كجندي في منطقة الصراعات، مبرزًا الفرق الشاسع بين الحروب التقليدية وما يحدث اليوم من عنف استثنائي منذ السابع من تشرين الأول، وأن ما نعيشه اليوم في الإقليم هو خطورة تستوجب الوقوف عليها.
في تصريح قوي، حذرت جلالة الملكة رانيا العبد الله من "السابقة الخطيرة" التي قد تشكلها الفظائع الإسرائيلية في غزة على العالم أجمع، داعية المجتمع الدولي لاستخدام نفوذه السياسي لإنهاء الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية.
جلالتها لم تكن تتحدث فقط عن معاناة أهل غزة، بل نبهت إلى خطورة خيانة إسرائيل للضمانات التي تهدف للحفاظ على الأمن العالمي.
على الصعيد العسكري، قام رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي بزيارة ميدانية لكتيبة حرس الحدود الخامسة الملكية في المنطقة العسكرية الشرقية، حيث تفقد استعدادات الجيش في التصدي لمحاولات التسلل وتهريب الأسلحة والمخدرات، وهذه الجولة تحمل دلالات واضحة بأن الأردن، بتاريخه العسكري، مصمم على حماية حدوده واستقراره الداخلي مهما بلغت التحديات.
المرحلة المقبلة: تهديدات تتجاوز الحدود
تتزامن التحركات الأردنية على المستوى الداخلي والخارجي مع تصعيد إسرائيلي مستمر في غزة ولبنان، ما يثير المخاوف من فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية، وهو ما يمس الأردن بشكل مباشر، فالتحركات العسكرية الإسرائيلية على مختلف الجبهات تفرض على الأردن استعدادات استثنائية.
وهذا يتطلب من الأردنيين توحيد الصفوف وتكاتف الجهود لمواجهة التحديات والأحزاب السياسية والإعلام الأردني مدعوان إلى تبني خطاب وطني واعٍ يوحد الجبهة الداخلية ويرسخ الوعي العام بمخاطر المرحلة.
ذلك يلتقي بالتأكيد مع تصريحات وزير الخارجية أيمن الصفدي والذي قال إن الأردن لن تكون ساحة حرب لأي طرف، وأن القوات المسلحة الأردنية لن تسمح باختراق سيادة الأردن، وهو ما ركز عليه في خطاباته وأن الأردن سيبقى منيعًا حصينًا ضد أي تهديدات.
اليوم، الأردن في قلب مرحلة جديدة، تتطلب اليقظة والحذر. تحديات الداخل والخارج متشابكة، لكن بوحدة الصف وعزم القوات المسلحة والدبلوماسية الأردنية، يمكن للمملكة مواجهة التهديدات والصمود أمام أي تصعيد.