الذهب إلى أين؟

 

فايق حجازين

اقترب سعر الذهب من مستوى أكثر التوقعات تفاؤلا في العام الحالي، ويتم تداوله حوالي 2650 دولاراً للأونصة، وذلك على وقع تخفيض أسعار الفائدة على الدولار والمتوقع استمراره لنهاية العام، وتصاعد وتيرة الأعمال العدوانية الإسرائيلية على المناطق الفلسطينية المحتلة والجنوب اللبناني.

السؤال الذي يطرحه المتابعون: هل سيواصل سعر الذهب الارتفاع أم أنه سيتراجع؟

الجواب على هذا السؤال ليس قطعا بنعم أو لا. لأن ارتفاع سعر الأونصة لهذا المستوى سيتبعه عمليات جني أرباح من قبل المستثمرين وبناء مراكز مالية جديدة يحققون فيها الأرباح، وبالتالي انخفاض الأسعار بسبب زيادة المعروض، ثم العودة إلى الارتفاع لاحقا بعد استثمار انخفاض الأسعار ومواصلة الشراء وتعديل المراكز.

تاريخيا سعر الذهب في ارتفاع مستمر، تتخلله بعض محطات التهدئة، فقد ارتفع سعر الأونصة في آخر شهر 132 دولارا، وفي آخر 6 شهور 478 دولارا، وآخر سنة 756 دولارا، وآخر 5 سنوات 2249 دولارا، ومنذ فك ارتباط الدولار بالذهب في عام 1971، والمعروف بـ"صدمة نيكسون» عندما ألغى الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون التحويل الدولي المباشر من الدولار إلى الذهب ارتفع سعر الأونصة نحو 2350 دولارا.

الذهب ما زال مسيطرا على التعاملات الدولية اليومية، فهو أهم وعاء ادخاري على مستوى الدول والافراد، رغم أن بعض الدول مثل أميركا لا تصدر عملتها مقابل أي رصيد من الذهب، لكن معظم البنوك المركزية في العالم تحتفظ برصيد من الذهب يعطي القوة لعملتها الوطنية ولاقتصاد الدولة التي تمثلها. واحيانا يستخدم سعر الذهب كوسيلة ضغط سياسي مثلما حصل من ضغط غربي على روسيا في بداية الحرب الأوكرانية الروسية، بعرض المزيد من الذهب في الأسواق لتنخفض الأسعار وتتضرر روسيا التي تملك احتياطياً كبيراً من انخفاض سعر المعدن الأصفر.

الفضة لن تكون بديلا عن الذهب، فالاحتياجات للفضة تنحصر في الاستخدامات الصناعية، وفي نطاق ضيق للزينة خصوصا المنتجات الحرفية التقليدية، لكنه لن يكون وعاء ادخاريا مثل الذهب لا في الوقت الحالي ولا في المستقبل القريب.

وبتحليل فني بسيط، من الواضح أن سعر الذهب سيواصل الارتفاع، وإن مر في عمليات انخفاض مؤقته، وتيرة هذا الارتفاع ستحددها التطورات الأمنية والسياسية العالمية، كون التصعيد الحالي في الشرق الأوسط بات مقلقا للغاية وستكون له انعكاسات اقتصادية سلبية، لاسيما إذا ما ارتفعت أسعار الطاقة بعد هذا التصعيد وزيادة حالة اللايقين التي تسيطر على الأجواء.