سر هدوء الحزب

أحمد أبو خليل

من ميزات الحزب أن رهبة العدو اختفت من قلبه. حصل هذا ليس فقط على مستوى القيادات التي نراها أو نتعرف عليها، السياسية منها والعسكرية، بل كذلك عند الجمهور كمجموع كلي.

الحزب قرأ ويقرأ العدو جيدا، ويعرف مواقع قوة هذا العدو ولا يتردد عن الاعتراف بها والإشارة إليها، كما يعرف نقاط ضعفه وخاصة في الجانب البشري، جانب الجبن والكذب والأنانية والادعاء وضعف الرغبة بالمواجهة وقلة الاستعداد للتضحية. لقد أرانا الحزب جنود عدونا يصرخون هلعا ويبكون رعبا ويهربون خشية.

هذا صنف جديد من التعامل مع العدو في مجمل تاريخ الصراع، والبوم لا ينفرد الحزب بذلك، فالمقاومون في غزة من حماس وغيرها قدموا نماذج استثنائية في تجاوز رهبة العدو. من الواضح أن المقاومة الفلسطينية تتجدد جوهريا. 

في أغلب المراحل السابقة، ورغم التضحيات التي قدمت بشجاعة، لكن الضعف أمام العدو كان كامنا في أعماق فريقنا أو ممثلينا في الصراع. لاحظوا أن من تبقى من هؤلاء لا يزال يقيس على تجربته الخاصة، لاحظوا مثلا سلوك قيادات السلطة في رام الله، أنا بالمناسبة لا أشارك فكرة تخوينهم، إنهم مرعوبون.

لكن هل يمكن أن يهرم الحزب مثلا؟ لقد دخلت قيادته من جيل التأسيس في عمر الستينات.

قبل أسابيع كنت أتحدث مع صديقي رمزي الذي أشاركه أعمق هواجسي، وتساءلنا عن ذلك. 

بلا شك ليس الحزب استثناء مطلقا من الحركات السياسية والعسكرية. وفي التاريخ ليست هناك مشكلة في هرم أية حركة، المهم أن تحافظ طول عمرها على حيوية قضيتها وأن تسلمها من جيل إلى جيل مهما كانت التسميات.

لكن الحزب الذي قضى أغلب قادته شهداء، ومن لم يستشهد منهم قدم من أبنائه شهيدا، ومن الواضح أن لا أحد منهم يخشى الموت، بل ربما المشكلة عندهم في استسهال الموت.

إن شهادة القائد هي فعلا حياة جديدة لقادة جدد كامنون. وهذا يعني ان الحزب يتجدد. 

حماس من جهتها دخلت فعلا طور التجدد، من الواضح ان غالبية مقاتليها من الجيل الذي ولد بعد أوسلو، أي بعد أن بلغ الانهيار ذروته. وليست مبالغة أن نقول إن الشعب الفلسطيني كله يتجدد. كانت هذه الجملة الأخيرة، أول تعليق كتبته بعد عملية الطوفان، ويما بعد يوم أزداد يقينا بها. أنا بالطبع لست محللا ولا منجما ولا خبيرا وليست لدي مصادر في ميدان القتال. أنا فقط انظر في الوجوه: وجوه جماعتنا الواثقة ووجوه اعدائنا المهزومة.