الغرايبة لـ"أخبار الأردن": الحكومة تشكل المجتمع وتتحكم في خياراته

 

قدّم الكاتب إبراهيم الغرايبة لمحة حول النظام الاجتماعي والثقافي السائد، واضعًا تصوراته التي قشّرت طبقات التكوين المجتمعي ليكشف عن التشابك العميق بين الدولة والفرد.

وقال الغرايبة في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، إن نسيج المجتمع، بكل تفاصيله، وسلوكياته، وقيمه، ومؤسساته، قد تم تشكيله من قبل الحكومة، موضحًا أن المواطنين يتلقون تعليمهم في المدارس والجامعات التي أنشأتها الدولة، وتمولها، وتشرف عليها، وأن المناهج مصممة لتعكس أيديولوجيات، ومصالح، وأهداف أولئك الذين في السلطة.

وأشار إلى أن عملية التعلم ذاتها، والطريقة التي يتم بها نقل المعرفة وتأطير المعلومات، أصبحت امتدادًا لسلطة الحكومة، ليبدو الأمر وكأنه شكل خفي وعميق من أشكال التكييف، حيث يتم تعريف حتى فكرة الفكر النقدي ضمن حدود ما تعتبره الحكومة مقبولًا.

لا يتوقف التأثير عند التعليم، وينتقل الغرايبة إلى الحياة الدينية، حيث يتم حتى التوجيه الروحي من خلال المساجد التي تسيطر عليها الدولة، والمفارقة بالطبع هي أن الدين، الذي يُنظر إليه غالبًا على أنه مجال للاستقلال الأخلاقي، مرتبط هنا ارتباطًا وثيقًا بنفوذ الحكومة، فالأئمة وغيرهم موظفون حكوميون، يتقاضون رواتبهم من الميزانية، وبالتالي ضمان توافق السرديات الدينية مع أهداف الحكومة، لتبدو الصلاة التي من المفترض أن تمثل خطًا مباشرًا بين الفرد وخالقه، وسيلة أخرى تهمس من خلالها الحكومة بأولوياتها في الوعي الجماعي لمواطنيها.

وأوضح أن وسائل الإعلام أيضًا جزءًا من هذا الجهاز الشامل، ففي عالم حيث المعلومات هي القوة، تمسك الحكومة بمفاتيح السرديات التي تشكل الإدراك العام، مشيرًا إلى الكيفية التي تتحول بها القنوات الإعلامية إلى أداة أخرى لتعزيز النظرة العالمية للحكومة؛ إذ إن الأمر ببساطة لا يتعلق بالسيطرة على الرسائل السياسية الصريحة؛ بل بتنظيم طيف الخطاب العام بأكمله، وفي هذه البيئة، تُشكِّل وسائل الإعلام المعايير ذاتها لما يمكن التفكير فيه وقوله.

وبيّن الغرايبة أن المواطن ينشأ وهم يتعلم، ويفكر في إطار مصمم لإدامة مصالح النخبة، وأن الحالة الاجتماعية السائدة تعكس رغبات، وطموحات، وأيديولوجيات النخبة.

ودعا إلى إعادة التفكير العميق في الهياكل المجتمعية، حيث لا يجب أن يكون المواطنون مجرد رعايا لواقع مصمم من قبل الحكومة، وأن التحدي الأكبر لا يتمثل في مجرد إصلاح قطاع أو مؤسسة واحدة، بل في تفكيك الهياكل المركزية التي خنقت إمكانية التنوع الاجتماعي الحقيقي.

وتساءل الغرايبة حول ما إذا كان المجتمع قادرًا على الازدهار حقا عندما تملي قوة واحدة مركزة كل جانب من جوانب وجوده، إلى جانب الطريقة التي يمكن من خلالها التخلص من صنارة السيطرة التي أصبحت راسخة بعمق في حياة المواطنين.