المجمع يختتم "تجربتي مع اللغة العربية" بالدكتور بكّار

 

اختتم مجمع اللغة العربية الأردني صباح اليوم الأربعاء الخامس والعشرين من أيلول لعام ٢٠٢٤م، سلسلة الندوات الشهرية التي أعلن عنها سابقًا، بندوة حوارية بعنوان "تجربتي مع اللغة العربية"، قدّمها عضو المجمع الأستاذ الدكتور يوسف بكّار، وأدارها عضو المجمع الأستاذ الدكتور علي محافظة رئيس لجنة الندوات والمحاضرات، بحضور الأستاذ الدكتور رئيس المجمع، وعدد من الأعضاء العاملين والأساتذة المتخصصين والأكاديميين، وجمهور من المفكرين والمهتمين والطلبة.
افتُتحت الندوة بترحيب الأستاذ المحافظة بالأستاذ رئيس المجمع وبالسادة الحضور، وبالتعريف بجانب من سيرة الدكتور بكّار العلمية. 
كما رحّب المحاضر بجمهور الندوة، وشكر لرئيس المجمع، ولأعضاء لجنة الندوات والمؤتمرات ترشيحهم له لاستحضار تجربته العميقة في اللغة العربية، التي تندرج ضمن مرحلتين متداخلتين لا تنبتّ الأخرى عن الأولى، إنّما تظلّ تنْهل منها وتعلّ، وهما 
مرحلة التّجربة الإيرانيّة لثمانية أعوام قبل نصف قرنٍ ونيّف، والأُخرى مرحلة الاستمرار والاستثمار والاستزادة والتّقدّم والتّطور، بدءًا من عودته إلى الأردن وتعيينه عام 1978م، أستاذًا مشاركًا بجامعة اليرموك.
وفي مقدمة خاصة عن اللغة العربية، قال: "اللّغة، أيّة لغة، هي الأُمّة؛ وهما متلازمتان ومتعادلتان يتمركز تحديدهما في صُلْب تحديد "الهُويّة". واللّغة العربيّة ركن في ثقافة أُمتنا وهُويّتها".
وانتقل بكار بعدها للحديث عن بدايات تجربته الوطيدة باللغة العربية عندما اختارته المنظّمة العربيّة للتربيّة والثّقافة والعلوم (الإلكسو) بتونس خبيرًا متخصّصًا فيها، وكلفته بكتابة بحث بعنوان: "اللّغة العربيّة ركن في ثقافة الأُمّة وهويّتها"؛ ليُلقى في الدّورة التّاسعة عشرة لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشّؤون الثقافيّة العربيّة في الوطن العربي في أواخر عام 2014 بمناسبة إعلان طرابلس عاصمة للثّقافة العربيّة في أوائل خمسينيات القرن الماضي، ومما جاء فيه: "اللّغة العربيّة قادرة على الاستيعاب إذا ما أفاق أهلها من سباتهم، وصحّت عزائمهم، وصدقت نيّاتهم. فالعيب ليس فيها، بل في أهلها ولا سيّما مَنْ يمتلكون إدارة أزمّتها من غير الحِراص عليها ومَنْ بيدهم الحلّ والعَقْد الذين لا يقدّرونها حقّ قدْرها ولا يحافظون عليها، ولا يسعون إلى تنميتها بما لا يجور على أصولها الرّاسخة".
وفي تجربته مع التراجم أشار بكار إلى أن "موسوعة أعلام العرب والمسلمين" في المنظّمة نفسها كلّفته بكتابة تراجم لثلاثة عشر شاعرًا، وشاعرة واحدة، هي ليلى الأخيليّة من عصور ما قبل الإسلام وحقبة الخضرمة والإسلامي والأموي، هم الذين أدرجهم في القسم الأخير من كتابه "الشّعر العربي القديم: دراسات ونقود وتراجم".
وعن مشاركته في مؤتمر"الثّقافة والهويّة في العالم العربي من الوحدة إلى التّنوّع" بدعوة من كلية الآداب بجامعة الكويت، عام 2019م، قدم بحثًا بعنوان: "الأدب والهويّة الثّقافيّة: الهويّة الواقية"، جاء فيه: "إنّ عربيتنا، شأنها شأن اللّغات الحيّة التي تُعطي وتأخذ وتتطوّر، فتحت ذراعيها ورحّبت بالوافد من اللّغات الأُخرى من "معرّب" و"دخيل" و"مولّد"، و"مترجم"، وهي عرْضة لأن تموت فيها ألفاظ وتُولد أخرى، ولأن تتغير فيها المعاني والدّلالات. والأمل معقود على ما يعدّ من معاجم تاريخيّة أن يُعنى بهذا".
أما في مجال عمله في سلك التدريس في الأردن فقد بيّن المنهج الذي اتبعه خلال تلك الفترة من حياته، بقوله: "لم أحِد في تدريس العربيّة، عن تدريسها بالفصيحة سواء في التّدريس الثّانوي لسنتين في كليّة الحسين بعمّان بعد حصولي عام 1965م، على البكالوريوس من جامعة بغداد، ولفصلٍ واحد بمدرسة سعد ابن أبي وقّاص في إربد بعد حصولي على الماجستير عام 1969م، من جامعة القاهرة وعلى الدّبلوم العالي، مبتعثًا، في الدّراسات الأدبيّة واللّغوية من معهد البحوث والدّراسات الأدبيّة بالقاهرة أيضًا، أو في التّدريس الجامعيّ منذ عام 1970م، في سبع جامعات داخل الأردن وخارجها، هي تاريخيًّا: مشهد في إيران، وقطر، واليرموك، وآل البيت، وإربد الأهليّة، والأُردنيّة، والسُّلطان قابوس بسلطنة عُمان".
وفي تجربته مع اللغة العربية خارج الأردن، وتحديدًا في دراسته للأدب العربي القديم، أشار مستشهدًا بحديث لطه حسين أنه لا يمكن دراسة هذا الأدب دراسةً وافيةً دون دراسة اللغات الإسلامية، الأمر الذي دفعه لتعلّم اللغة الفارسية في إيران، وتدريس العربية فيها،  ومن ثَمّ عقد موازنة بينها وبين اللّغة العربيّة السّاميّة مدعّمةً بالشواهد والأدلة، التي ضمّنها بعد عودته إلى الأردن في كتاب من جزأين، بعنوان: " العربيّة للإيرانيين والفارسيّة للعرب: مكالمة وتمارين في مختلف المستويات".
وفي ما يخص مرحلة العودة إلى الأردن عام 1978م، أشار إلى أنها مرحلة مفعمة بإنجازات تجربته مع العربيّة وكلّ ما يلوذ بها بطرف داخل الأردن وخارجه، حيث عمل في جامعة اليرموك على مدار خمسة وثلاثين عامًا، وشارك في وزارة الثّقافة في لجنتين: لجنة التّفرغ الإبداعي لستّ سنوات من: (2007 إلى 2012م)، ولجنة الدّراسة والنّشر عام (2018)، وكان عضوًا في عدّة لجان اعتماد تخصّصات اللّغة العربيّة بهيئة اعتماد مؤسّسات التّعليم العالي في الأردن في مرحلتي البكالوريوس والدّراسات العليا في عدد من الجامعات الخاصّة، وله مشاركات عديدة في لجان تحكيم الجوائز الأدبيّة المختلفة. 
وفي خلاصة تجربته مع العربية، قال: "لم يبقَ لي بعد هذه التّجربة الطّويلة مع لغتي وآدابها وعلومها وتفاعلاتها مع آداب اللّغة الفارسيّة وعلومها أيضًا إلّا أنّ أترحّم على أُستاذي العزيز الرّاحل الدّكتور حسين نصّار، الذي تتلمذت على يديه وأشرف عليّ في رسالتي للماجستير: "اتجاهات الغزل في القرن الثّاني الهجري"، ورسالتي للدّكتوراة: "بناء القصيدة في النّقد العربي القديم: في ضوء النّقد الحديث"، فهو الذي تنبّأ بما أنجزت واستشرفه، إذ قال في مقدمته القيّمة للطّبعة الأولى من رسالة الدكتوراة: "وهو الآن نعم الدّارس، سفير للّغة العربيّة وأدبها في جامعة الفردوسي في مشهد من مدن إيران الشّرقيّة، يُكِبّ على التّدريس فينقل حبّه للفكر العربيّ إلى أبناء الأعلام ممّن ساهموا في تجديد هذا الفكر وإثرائه، ويَعْكِفُ على الدّرس فيفيد من الوسط الثّقافي الجديد؛ ينقل إلى الفارسيّة الرّوائع التي يحبّ أن يطّلع عليها الإيرانيون، وينقل إلى العربيّة الرّوائع التي يودّ أن ينتفع بها مواطنوه من أبناء العربيّة، ويقارن بين ما هنا وهناك فينفع وينتفع. وإنّي لأدعو الله أن يعينه على ما كلّف نفسه به، وأن ينفع القُرّاء بكتابه هذا، وبغيره من الكتب والمقالات التي يصدرها بين الحين والحين".
واختتمت الندوة بمناقشات ومداخلات قدمها الحاضرون، وأجاب عنها الدكتور بكار.
ويذكر أن الدكتور بكار حاصل على درجة الدكتوراة في اللغة العربية من جامعة القاهرة، ولديه الكثير من الخبرات التعليمية، والأكاديمية، والإدارية، والمؤلفات المدرسية والجامعية.