سياسيون: الوطن البديل فكرة موؤدة... الأردن لن يكون كبش فداء... وحلول إسرائيل الأحادية تمارس بعنجهية

    خاص

أجمع محللون سياسيون على أن خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يعد رسالة حازمة تقف أمام الطموحات السياسية والإقليمية المتزايدة لحكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، والتي طرحت في مناسبات عديدة فكرة "الخيار الأردني" لحل القضية الفلسطينية.  

وفي هذا الصدد، قال الكاتب المحامي سائد كراجه  إن تصريح الملك عبد الله الثاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأن الأردن لن يكون وطنًا بديلًا، بمثابة رسالة حازمة وجادة تبدد أي تصورات أو طموحات متبقية بشأن سراب الوطن البديل.

وأكد في تصريحٍ لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية  أن الملك، ولدى تحدثه من منصة القانون الدولي، أرسل تحذيرًا واضحًا للمغامرين السياسيين، والانتهازيين الذين يقللون من شأن قدرة الأردن على حماية أراضيه، وأن سيادة الأردن ليست قابلة للتفاوض كما يتوهمون.

وأوضح كراجه أن تصريح الملك أظهر التصميم الثابت للقيادة الهاشمية على حماية أرض الأردن، وهويته الوطنية، مضيفًا أن ما جاء على لسان الملك موقف وطني متجذر تم الحديث عنه مراتٍ عديدة أمام الجميع.

وعن قضية التهجير والنزوح، بيّن أن هناك رفضًا قاطعًا لها، فهي تشكل جريمة حرب، كان قد حذّر منها الملك مرارًا وتكرارًا.

الماضي عن خطاب الملك: صريح وحازم بأن الأردن لن يكون كبش فداء

بدوره، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور بدر الماضي إن خطاب الملك في الجمعية العامة للأمم المتحدة  يحمل رفضًا قاطعًا لا لبس فيه لفكرة أن الأردن يمكن أن يكون بمثابة "وطن بديل" للفلسطينيين.

وأوضح لدى حديثه لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن تصريح جلالته هدف إلى إسكات الخطاب الإسرائيلي اليميني المتطرف، الذي يسعى إلى تحويل عبء صراعاته إلى الأردن.

وبين الماضي أن اتخاذ موقف حاسم من جانب الملك عبد الله يقي الأردن من الوقوع في فخ الحلول المفروضة من الخارج والتي من شأنها أن تهدد سيادته وتزعزع استقرار المنطقة.

وحذر من أن مثل هذه الأفكار، تعني ضمناً استيعاب الأردن للسكان الفلسطينيين، وبالتالي إلغاء الحق الفلسطيني في دولة مستقلة.

وقال  إن رفض الملك عبد الله الصريح لهذه الفكرة، والتي تم تأطيرها باعتبارها ضرورة أخلاقية وقانونية، يرسل إشارة قوية إلى الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية على حد سواء بأن الأردن لن يكون كبش فداء للمخططات الإسرائيلية.

وأوضح أن خطابه أظهر تأكيد الملك على أن الأردن سوف يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، ولكن ليس كبديل لوطنه،  فالأمر لا يتعلق فقط بالتوافق السياسي بل بحماية سلامة تقرير المصير الفلسطيني.

وموقف الأردن، وفقاً للملك، هو موقف دعم غير مشروط ــ ليس كطرف يتحمل عواقب الاحتلال الإسرائيلي، بل كحليف ثابت يدعم إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة. وهذا تمييز مهم، وهو ما يحمي الأردن من الانجرار إلى النزاعات الداخلية الإسرائيلية مع الحفاظ على دوره كقوة استقرار في المنطقة.

وعلاوة على ذلك، يلفت الدكتور الماضي الانتباه إلى النداء القانوني والإنساني الأوسع للملك، ويضع خطابه ليس فقط كبيان سياسي بل كإدانة أخلاقية للوضع الراهن. إن تأكيد الملك عبد الله على معاناة الأطفال الفلسطينيين، وتدمير المنازل، والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تحدث في غزة والضفة الغربية، يهدف إلى إيقاظ المجتمع الدولي على إخفاقاته الأخلاقية.

غنيمات: حلول إسرائيل الأحادية تمارس بعنجهية وتتحدى المجتمع الدولي

من جانبه، أكد المدير التنفيذي لمؤسسة مسارات الأردنية الصحفي طلال غنيمات أن جلالة الملك عبدالله الثاني رسخ مبدأً لا يقبل التهاون ولا التأويل، وهو أن الأردن لن يكون وطنًا بديلًا للفلسطينيين تحت أي ظرف من الظروف.

وأوضح أن هذا الموقف الذي أعلنه جلالته في أكثر من مناسبة ليس مجرد تعبير عن سياسة الدولة، بل هو تجسيد وتناغم مع الإرادة الشعبية الراسخة، والرؤية تاريخية التي تستند إلى حماية الهوية الوطنية الأردنية، والحفاظ على حقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على أرضهم.

وأضاف غنيمات أن جلالة الملك كان قد حذر  من المساس بمبدأ حل الدولتين، الذي يعترف بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وذكر أن هذا الموقف ينبع من إدراك عميق بأن أي محاولة لفرض حلول أحادية الجانب، والتي تمارسها إسرائيل بعنجهية وتحدٍّ للمجتمع الدولي، لن تؤدي إلا إلى مزيد من العنف والاضطراب في المنطقة، وستدفع بها نحو مستقبل مجهول ومظلم.

وأردف قائلاً أن الأردن قد حذر مرارًا وتكرارًا من مغبة هذه الإجراءات الأحادية المتغطرسة، والتي تهدد بنسف كافة الجهود الدولية الرامية لتحقيق السلام. وأكد أن الأردن، بقيادة الملك عبد الله الثاني، سيظل صامدًا ومتماسكًا في دفاعه عن حقوق الشعب الفلسطيني، وعن حقهم في العيش بكرامة في دولة مستقلة، رافضًا أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن أو الشعب الفلسطيني.