الاستهداف والاستفراد

 

 

حمادة فراعنة
 

لم يعد حزب الله والشعب اللبناني الشقيق، ومعهما المقاومة اللبنانية التي سبق وأجبرت قوات المستعمرة على الانسحاب من أغلبية أراضي لبنان، لم يعودوا مجرد متعاطفين موجوعين مع شعب فلسطين، ولم يعودوا مجرد داعمين مساندين لنضال الشعب العربي الفلسطيني، بل تحولوا بقناعة وطنية قومية دينية إنسانية إلى شركاء مع الشعب الفلسطيني في مواجهة المستعمرة. 
لم يعودوا متفرجين على معاناة شعب شقيق، ومراقبين لتضحياته على طريق الحرية والاستقلال، بل باتوا شركاء الوعي والاختيار، شركاء الكرامة والحرية والاستقلال، شركاء الرفض والمقاومة ضد الاحتلال والاستعمار والظلم والعنصرية والتسلط.
لم يعودوا مجرد شركاء الشجب والاستنكار، بل شركاء في الدم، والتضحية، والمواجهة، لقد دفعوا أرواح خيرة قياداتهم وكوادرهم ثمن انحيازهم لفلسطين والقدس وبيت لحم والخليل والناصرة، ولكل أثر تاريخي صنع التراث الإسلامي والمسيحي على أرض فلسطين العربية المقدسة المجبولة بدماء الشهداء. 
تتمكن المستعمرة من القنص والاغتيال والقتل المتعمد المبرمج، ولكنها لن تتمكن من قتل إرادة شعب قرر الشراكة والمشاركة مع الفلسطينيين، بدلالة اليافطة المرفوعة في شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت، رفعوها بعد استشهاد القائد فؤاد الشكر تحمل عبارة «لن نترك فلسطين» . 
لم يتراجع لبنان الذي سبق واحتضن ثورة الشعب الفلسطيني سنوات طويلة، ودفعوا ثمن حصار بيروت واحتلال كافة مدن الجنوب، وواصلوا خيار المقاومة حتى بعد أن تركتها المقاومة الفلسطينية بقرار عربي دولي، أُرغمت عليه منظمة التحرير، ولكن فعل المقاومة ضد الاحتلال، ضد المستعمرة، لم يتوقف، وانتقل من الفعل الفلسطيني المباشر داخل الأرض المحتلة، إلى الفعل اللبناني المقاوم، وهذا الخيار له وعليه ولديه أثمان، وكما دفع شعب فلسطين أرواح قياداته من الشهداء ياسر عرفات إلى أحمد ياسين وأبو علي مصطفى، وفتحي الشقاقي وخليل الوزير وخالد نزال والعشرات من قيادات فتح وحماس والشعبية والديمقراطية والجهاد وباقي الفصائل يدفع الآن حزب الله دماء وتضحيات إبراهيم محمد عقيل (الحاج عبد القادر) ورفاقه والعديد من قيادات وكوادر حزب الله، وهذا ما سوف يكون أيضاً لدى قيادات حركات المقاومة العربية من العراق واليمن، وكل من يسعى ويتطلع لمشاركة شعب فلسطين، كما فعل شهيدنا ابن الجنوب الشجاع الباسل ماهر ذياب الجازي الحويطات. 
تستفرد المستعمرة بقطاع غزة، وبعدها وقبلها مخيمات الضفة الفلسطينية، والآن لبنان وحزب الله، ويأتي الدور على التوالي بالعدوان والقتل والخراب على الآخرين، مما يتطلب المزيد من اليقظة، وعدم ترك قوات المستعمرة كي تستفرد بطرف دون آخر.  
لدى المستعمرة تفوق تكنولوجي غير مسبوق، وهذا ما يجب أن تدركه قوى المقاومة الفلسطينية أولاً واللبنانية وباقي فصائل العمل الكفاحي العربية ثانياً، ولكن هذا التفوق لن يمنح المستعمرة الانتصار، فقد هُزمت رغم تفوقها: الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا وبريطانيا، من قبل الشعوب التي تعرضت إلى الاضطهاد والاحتلال، ولكنها انتصرت رغم فقرها وتخلفها التكنولوجي والعلمي، لأن إرادتها نحو خيار الكرامة والحرية والاستقلال هي التي انتصرت، كما سينتصر شعب فلسطين.