كلمتان على انفراد

 

أحمد أبو خليل

نحن البعيدون عن أرض القتال، عندما نتضامن مع المقاومين في غزة ولبنان، فإننا نفعل ذلك من أجل أنفسنا بالدرجة الأولى، لا من أجلهم. وحتى لو بالغنا بالتفاصيل، فإن استفادة المقاتلين من هذا التضامن بسيطة جدا وليست آنية، أي أنه لا أثر لها الآن.

إن من يتضامن منا، فهو ينتصر لمواقفه الشخصية ولعواطفه ووجدانه ومصلحته ومجمل أبعاد إنسانيته، التي يراها مرتبطة وعلى علاقة عميقه بما يقوم به المقاتلون وما يقدمونه من تضحيات، فيتضامن معهم لكي لا يلحقه العار أمام نفسه.

على ذلك، لا مجال أمام المتضامن الصادق إلا الثقة بالمقاتل، وليس الثقة بانتصاره المباشر بالضرورة، بل الثقة به وبدوره ومهتمه وتضحياته، وبأحقية قضيته وبانتصارها النهائي مهما كانت التضحيات والنتائج المباشرة. أي لا يجوز لنا، عن بعد، ان نشترط النصر القريب مقابل الثقة.

لهذا فإن انهيار الثقة أو ضعفها أو تراجعها، أو جعلها مشروطة، أو وضع المطالب والاقتراحات مقابلها، هو صنف مميز من "ثقالة الدم" يُمارس على مستويات غير شخصية.

لاحظوا أن المقاومين في ميادين القتال لا يشترطون حصولهم على التضامن كي يواصلوا قتالهم، أي إن المقاتل أخف دما من المتضامن، رغم التفاوت في الظروف والمهام والتضحيات.

مساء اليوم، استمعت إلى أخبار العدوان على الضاحية الجنوبية وأخبار استمرار العدوان على غزة، حزنت وتألمت كغيري، ثم شاركت في مسيرة بعد صلاة العشاء في وسط عمان كان عنوانها العام توجيه التحية للشهيد ماهر الجازي، وسررت لصوره التي ملأت الشوارع ورفعها أيدي فتيان وفتيات..

لاحظوا أن أكثرنا تأثيرا، وهو ماهر الجازي، لم يضع شروطا لتقديم روحه وليس فقط تضامنه.

بعض المتضامنين يلزمهم قدر من خفة الدم.