عن العدوان الجديد في الضاحية الجنوبية

 

ياسر الزعاترة

للقضية، ومعها عدوان "النداء القاتل" وجهان:

الأول هو كشف حجم الاختراقات الكبيرة جدا في صفوف الحزب، والتي مهما بلغت لن تلغي قدراته التي يمكن أن تشلّ "الكيان" وتكلّفه الكثير في حال اندلاع حرب، أعني الصواريخ الدقيقة والمسيّرات، بجانب القدرة على التصدّي لعدوان برّي بوجود شبكة الأنفاق الواسعة التي يمتلكها في الجنوب، والعدد الكبير جدا من المقاتلين.

الوجه الآخر هو حرق العدو لمقدّرات كان يمكن أن يؤخّرها لمرحلة تالية، لولا حسابات نتنياهو الشخصية، وهي ستكون أكثر تأثيرا، بخاصة قضية اختراق الاتصالات، وهو ما ذهب إليه مسؤول استخبارات سابق نقل عنه المحلل المعروف (بن كسبيت)، كما أوردنا في تغريدة سابقة.

الواضح أن "الكيان" قد تجاوز الخشية من الحرب، وهو يعتقد أن بوسعه فرض التراجع الحدودي على الحزب، ما يعني أن على الأخير أن يكون جاهزا لهذا الاحتمال (الاجتياح)، والأهم أن يذهب نحو المبادرة مُستبعدا محظور الحرب الذي كبّله طوال المرحلة الماضية، بخاصة أنه يدرك أن ضرب المقاومة في غزة سيجعله الهدف التالي، كما قال ذلك صراحة نائب أمينه العام (نعيم قاسم).

المعضلة هنا هي إيران التي لا تريد الحرب مع لبنان لأنها ستضعها في موقف محرج.. طبعا إذا تركت الحزب وحيدا في المواجهة، أو بإسناد بسيط من اليمن والعراق، على شاكلة الإسناد الذي كان حيال غزة، والذي لم يؤثّر على مجريات الحرب.

مخاض عجيب، قد يفضي إلى تداعيات بعيدة المدى في كل المنطقة، وربما على الصراع الدولي أيضا، ويحتاج إلى حسابات بالغة الدقة.

بقي القول إن العدو ليس مرتاحا رغم استعراضاته السايبرية والاستخبارية وضرباته الموجعة، فهو ينزف في قطاع غزة، ومذعور من حراك الضفة، ويعاني اقتصاديا وسياسيا، ومن الانقسامات الداخلية أيضا، والنتيجة أن "الطوفان" ما زال يحفر عميقا في وعيه وأسئلة مستقبله.