الرداد: حزب الله في مأزق... وخيارات التصعيد بيد إسرائيل
قال الخبير الأمنيّ والعسكري الدكتور عمر الرداد إن هناك تحولًا في آليات الرد الإسرائيلية، مطلقًا عليها اسم "الهجمات النوعية"، والتي تشير إلى تخلٍ متعمد عن الاشتباكات العسكرية، واستبدالها بالضربات المستهدفة التي تهدف إلى تعطيل قدرات حزب الله على المستوى التكتيكي.
وأضاف خلال حديثه لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، إن هذه العمليات تركز على أهداف عالية القيمة مثل مستودعات الصواريخ، ومواقع الإطلاق، والشبكات اللوجستية الرئيسية التي تربط حزب الله بطرق الإمداد السورية، ما يعكس أولوية إسرائيل في شل قدرة حزب الله على شن هجمات صاروخية مستمرة.
ونوّه الرداد إلى أن أحد الجوانب المهمة لهذه العمليات المستهدفة هو الجهد المبذول لضرب قيادة حزب الله، من أجل التأثير على الرأي العام الإسرائيلي، وطمأنته، فهو متلهف لسماع أخبار متعلقة بتصفية قادة من الممانعة.
وذكر أن استمرار الصراع بالغليان، لا يعني دخول إيران بشكل مباشر في المعركة، فطهران اختارت ضبط النفس الاستراتيجي، ما يعكس عدة حسابات رئيسية، فهي تدرك تمام الإدراك أن إثارة مواجهة شاملة يمكن أن تتصاعد إلى حرب إقليمية، سيرهق مواردها العسكرية، والاقتصادية، وبدلًا من الانخراط المباشر، تواصل إيران الاعتماد على الحرب بالوكالة من خلال دعم حزب الله ومجموعات أخرى مثل الحوثيين والميليشيات الإيرانية في سوريا، حيث تعمل هذه المجموعات كخط أول للمقاومة ضد إسرائيل، في حين تدير إيران خيوطها من وراء الكواليس، علمًا أن إسرائيل قد توجه ضرباتها للمجموعات الثلاث المذكورة أعلاه.
وأكد الرداد وقوع حزب الله في مأزق، فمن ناحية، لدى المنظمة مصلحة راسخة في الحفاظ على صورتها باعتبارها القوة الأساسية للمقاومة ضد إسرائيل، وهو الدور الذي لعبته منذ الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، ومن ناحية أخرى، يشكل الوضع الداخلي في لبنان قيًدا كبيرًا، مضيفًا أن لبنان يعيش في خضم واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخه الحديث، مع انتشار الفقر على نطاق واسع، وانهيار العملة، والشلل السياسي المستمر.
وعلاوة على ذلك، فإن العمليات العسكرية لحزب الله مقيدة بقواعد الاشتباك التي التزم بها منذ نهاية حرب لبنان عام 2006، وهذه القواعد، وإن كانت ضمنية، تشير إلى شكل من أشكال الردع المتبادل حيث يتجنب كل من حزب الله وإسرائيل الحرب واسعة النطاق لمنع العواقب المدمرة على لبنان والمنطقة.
وبيّن الرداد أن حزب الله يجد نفسه في موقف يفرض عليه السير على حبلٍ مترنح، فعليه الاستمرار في مقاومة لإسرائيل، والوفاء بالتزاماته تجاه إيران، مع تجنب حرب شاملة من شأنها أن تؤدي إلى كارثة بالنسبة للبنان.
وأشار إلى أن إمكانية التصعيد في هذا الصراع، مرتبطة بإسرائيل، وليس بمحور الممانعة، فهي من يمتلك القدرة العسكرية والسياسية لتوسيع نطاق الصراع إذا اختارت القيام بذلك، مبينًا أن كلا الجانبين محاصران في حرب استنزاف، حيث لا يرغب أي منهما بالتصعيد إلى ما هو أبعد من قواعد الاشتباك الحالية.