نصيحتان لجعفر حسان

 

كتب موسى الصبيحي:

ركّز الملك في كتاب التكليف الموجّه للرئيس المكلّف جعفر حسان على قضيتين حيويتين في الجانب الاجتماعي هما التأمين الصحي الشامل، واستراتيجية الحماية الاجتماعية.

أود هنا أن أنصح الرئيس المُكلَّف بشأن هاتين المسألتين في الآتي:

المسألة الأولى: التأمين الصحي الشامل:

وقد دعا الملك الحكومة أن تبني على ما تم من جهود سابقة للوصول إلى برنامج التغطية الصحية الشاملة للمواطنين، وأن تعمل الحكومة على إطلاق المرحلة الأولى من البرنامج العام المقبل.

وهذا بالتأكيد يشكّل أولى التحديات أمام الحكومة، وعليها أم تشرع منذ اليوم الأول الذي يلي أداء القَسَم أمام الملك في التشاور مع مؤسسة الضمان الاجتماعي، لوضع سيناريو التأمين الصحي الاجتماعي التشاركي معها كمرحلة مهمة وأساسية لشمول المؤمّن عليهم والمتقاعدين الذين لا يتمتعون وعائلاتهم بتأمين صحي مناسب. وبالتالي تفعيل التأمين الخامس من التأمينات التي اشتمل عليها قانون الضمان. مع العمل على إزالة التشوّهات التي تعتور منظومة التأمين الصحي الحالية فلا يُعقل أن يظل القطاع الصحي في حالة هدر كبير في مسألة الدواء والتأمين الصحي وازدواجية واسعة في التأمين، وارتفاع في كلف الطبابة والرعاية الصحية على مستوى الاقتصاد، وغياب العدالة في التأمين، حيث ثلث المواطنين لديهم تأمين صحي واحد، والثلث الثاني يتمتعون بأكثر من تأمين صحي، فيما الثلث المتبقي محروم من أي تأمين صحي.! وهنا فإنني أعيد الاقتراح الذي كان قد أدرج حزب جبهة العمل الإسلامي ضمن رؤيتها الاقتصادية قبل سنتين تقريباً، بإنشاء هيئة للتأمين الصحي. وكنت قد اقترحت سابقاً أن نطلق عليها اسم (الهيئة الوطنية للتأمين الصحي). وأعتقد أن قيام الحكومة باستحداث هذه الهيئة سوف يسهّل "لملمة" شعث منظومة التأمين الصحي، وتخليصها من التشوهّات. وسيكون ذلك إنجازاً غير مسبوق للحكومة.
المسألة الثانية:

توجيه الملك لحكومته للعمل على تحديث الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية 2019-2025، والتي تتضمن أربعة محاور: محور المساعدات الاجتماعية، ومحور الخدمات الاجتماعية، ومحور التأمينات الاجتماعية، ومحور سياسات سوق العمل.

وهذه تتطلب جهداً حكومياً تشاركياً متميزاً ومكثّفاً، ولا سيما ما يتعلق بالمواءمة والتشبيك ما بين محور المساعدات الاجتماعية ومحور سياسات سوق العمل، بما يؤدي إلى زيادة فرص التمكين للفئات الهشة في المجتمع.

أما من ناحية التأمينات الاجتماعية، فالمقصود طبعاً هو التأمينات التي تقوم على تطبيقها مؤسسة الضمان الاجتماعي، وهنا لا بد من وضع خطة مُحكَمة لتوسيع نطاق التغطية التأمينية لتشمل كافة أبناء الطبقة العاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية، والانتقال الجاد إلى شمول العاملين في القطاعات غير المنظّمة، بما يؤدي إلى إحداث نقلة في نسبة التغطية التأمينية لشمول شريحة كبيرة من العمال تحت مظلة الضمان، ورفع نسبة التغطية من حوالي (60%) حالياً وبشكل تدريجي عبر أربع سنوات لتصل إلى (90%) من المشتغلين على أرض المملكة في كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية.