هكذا أقرأ نتائج الانتخابات النيابية في الأردن
زيد نابلسي
نسبة التصويت 32%، أي أن الأغلبية الحقيقية، كما في معظم دول العالم، لا تكترث بالمشاركة في هذه العملية...
من هذه النسبة المتدنية ممن يحق لهم الانتخاب، حصل تنظيم الإخوان المسلمين على 32 مقعداً من أصل 138، أي بنسبة 23% من المقاعد التي تمثل الشعب الأردني، وهذا هو حجمهم الحقيقي في أرض الواقع، إذ لا يوجد أحد في الدنيا يشكك بنزاهة العملية الانتخابية هذه المرة...
هذا يعني أن هنالك ما نسبته 77% لا تؤيد الإخوان المسلمين، ولكنهم مبعثرين ومتشرذمين وغير منظمين لا فكرياً ولا عقائدياً ولا حزبياً ولا حتى اجتماعياً، يتنافسون أمام حزب مرخص يحتكر العمل السياسي وله فرع (مسجد) في كل شارع في المملكة منذ منتصف القرن الماضي...
حصول الإخوان المسلمين على هذه النسبة هو أمر بديهي، فهذا هو حجمهم الطبيعي دون تلاعب من أي طرف، بل أن المستغرب فعلاً هو عدم اكتساحهم البرلمان بأغلبية ساحقة بعد عقود من الأفضلية التي تمتعوا بها...
فقد كنت أقول لرفاقي في اللجنة الملكية للتحديث السياسي أثناء انعقادها أن منافسة الإخوان المسلمين حزبياً هي كمن يأتي بسجين أمضى خمسين عاماً في زنزانة انفرادية لم يمارس المشي في حياته وتجعله يُسابق عدّاءاً أولمبياً متمرساً يدرب كل عضلة في جسمه مئات المرات في اليوم!!
العمل اليوم يجب أن ينصرف إلى دمج وتوحيد الأحزاب التي لا تختلف عن غيرها إلا بالإسم، وكل شيء غير هذا ما هو إلا عبث ومراهقة سياسية...
خاصمنا الإخوان المسلمين ونخاصمهم سياسياً، وقلت شخصياً فيهم ما لم يقله مالك في الخمر عندما كانت بنادقهم وحناجرهم تحارب الدولة والجيش في سوريا وتطعن في خاصرة محور المقاومة، ولكنني تعلمت من والدي رحمه الله أن أتحلى بشرف الخصومة وأن أتعالى عن الضغائن، وأن العدو الواحد الأوحد كان وسيبقى العدو الصهيوني ولا عدو غيره، مغتصب الأرض الذي يذبح أهلنا في فلسطين أمام أعيننا كل يوم، وأن كل من يعادي الصهاينة ويقاتلهم فهو حتماً صديقي، وكل من يصادقهم ويدعمهم ويؤيدهم فهو حتماً عدوي إلى يوم الدين...