النداء الأخير للأغلبية الصامتة

   ليث محمد ذياب

‎مع بقاء يومين فقط على الانتخابات النيابية لمجلس النواب العشرين، والتي تأتي في ظل مرحلة التحديث السياسي التي شهدت تعديلات جوهرية على العديد من القوانين، واستحداث أنظمة لتعزيز مشاركة الشباب والمرأة في العملية السياسية، يُعتبر مجلس النواب الركيزة الأولى في نظام الدولة الدستوري النيابي الملكي الوراثي. هذا المجلس هو الممثل للشعب في إدارة الدولة، وهو من يمنح الحكومة الثقة أو يحجبها، ويقوم بتشريع القوانين.

‎ورغم أهمية هذا الدور، تظل هناك تساؤلات كثيرة من قبل المواطنين، مثل: "لماذا عليّ أن أنتخب؟" أو "هل سيؤثر صوتي؟" وهناك من يعتقد أن النتائج محسومة مسبقًا. ولست ألومهم، فهناك معتقدات مترسخة من الماضي. لكن على هؤلاء أن يدركوا أن التصويت هو حق لهم وواجب عليهم، وأن تأثيرهم في الواقع السياسي واضح. فنحن جميعًا متأثرون بقرارات المجالس السابقة، خاصة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وتراجع الثقة بالمؤسسات العامة، لدرجة أن البعض فقد الثقة بالدولة ككل.

‎هذا التراجع، بلا شك، يعود بشكل كبير إلى ضعف الدور الرقابي لمجلس النواب. فالإحصائيات، وفقًا لمنظمة "راصد"، تشير إلى أن بعض النواب لم يقدموا أي مداخلات نوعية خلال فترة عملهم. ولكن قبل أن نلوم هؤلاء النواب، يجب أن نوجه اللوم إلى من لم يصوتوا. ففي الانتخابات الأخيرة، 65% ممن يحق لهم التصويت اختاروا عدم المشاركة، وهذا يعني أنهم تنازلوا عن حقهم في التأثير، وبالتالي تحملوا العواقب بصمت.

‎قرارك بعدم التصويت يعني أنك تتحمل تبعات قرارات المجلس لمدة أربع سنوات دون أن تشارك في تحديد مستقبلك ومستقبل بلدك. عدم المشاركة هو سلوك عبثي وغير مسؤول، يضر بالوطن. واللوم لا يقع فقط على من صوت بجهل أو لمصلحة ضيقة، بل أيضًا على من تخلى عن حقه في التصويت. قرارك بعدم التصويت هو مشاركة سلبية بحد ذاته. مشاركتك بصمتك ولامبالاتك أسوأ من بيع الصوت. فالصامتون يشاركون في تشكيل الواقع، ومن لم يصوت لا يحق له الاعتراض على النتائج.

‎هدفي من هذا الحديث ليس توجيه اللوم، بل التنبيه إلى أن مشاركتكم في هذه الانتخابات أمر ضروري. أنتم الغالبية، وإذا شاركتم فستكونون سببًا في إحداث التغيير الذي تطمحون إليه. صحيح أن صوتك الفردي قد لا يبدو مؤثرًا بشكل كبير، لكن إذا صوت أغلبكم، فستحدثون الفرق. ستشعرون بتأثير صوتكم عندما تنظرون إلى النتائج، وتدركون أن كل صوت كان له دور في رسم مسار المستقبل.

وفي النهاية حتى لو لم يتحقق التغيير المرجو من المجلس النيابي القادم، فإن المشاركة هي بداية المسار الديمقراطي. فالتغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها، بل من خلال العمل المتواصل والتراكم المستمر.وان لم نرى المجلس كمان نرى سنرى المجلس الذي يليه افضل حتى نصل إلى ما نريد وسنكتشف ان مشاركتنا كانت سبب التغيير