إسرائيل... إيران... والأردن ولعبة المشاريع

طلال غنيمات

خطيرة هي الظروف المحيطة بالمملكة خارجياً وداخلياً، وليس مبالغة القول إن المملكة لم تعاصر ظروفاً أقسى مما هي عليه اليوم منذ نكسة 1948.  

التهديدات متعددة الأوجه وتبدأ بتلك التي تطل برأسها من الخارج، بدءاً من الواجهة الغربية حيث المحتل الذي طال احتلاله لأراضي فلسطين سبعة عقود، وحيث حكومة يمين هي الأكثر تطرفاً وذكاءً مرت بها إسرائيل، حكومة ضحّت بأسراها، فما بالك بمن عدا ذلك.  

حكومة متطرفة نعم، إرهابية أجل، قتلت الطير والشجر قبل الإنسان، لكنها تملك مشروعاً لدولتها، مشروعاً توسعياً، يقوم على دفن الدولة الفلسطينية ويقضي حتى على المنجزات الهشة التي أنجزتها أوسلو. ولأجل ذلك تهدد الأردن بواقعه وتركيبته الحالية.  

حكومة تقضم الأرض بنشر مستوطناتها، لتوسّع دولتها وتضيّق على سكان الضفة والقدس بعد أن مسحت غزة عن الخريطة.  

حكومة تقوم على مشروع لا يؤمن فقط بالقضاء على الدولة الفلسطينية، بل يتعدى ذلك بجعل الحل على حساب الأردن، من خلال مشروعها الذي يرتكز على سرقة الأرض ولكن بدون شعب، وتخطط بكل ما أوتيت من دهاء إلى تنفيذ مشروعها الإرهابي تجاه أهلنا في الضفة الغربية.  

وها هي إسرائيل بحكومتها المتطرفة ورئيسها اليميني تطل كل يوم بإشارات تؤكد ما ترنو إليه.  

أما الخطر الثاني على الأردن، فهو ذلك الذي يأتي من حدوده الشمالية، وتلك التهديدات اليومية من ميليشيات تخضع لولاية الفقيه، لا ترى في الأردن إلا حائط صد أمام مشروعها التوسعي. يتزامن ذلك مع أطراف داخلية مؤيدة لها بمحور الممانعة وغير قادرة على الفصل بين مواجهة إسرائيل وبين الإضرار بالأردن وأهله وشبابه من ميليشيات إيران لتهريب السلاح والمخدرات إلى الأردن (وما هذا إلا واجهة لمشروعها)، فهل ندرك ونتعظ؟!  

الخطر الثالث الذي يرصد أن الدول الأكثر تأثيراً سياسياً ومالياً في منطقتنا لم تستشرف بعد ما يحيق بالأردن، أو أنها تغض الطرف بحسن نية أو سوء نية.  

وما لا يدركه هؤلاء أن الأردن وإلى جانبها مصر كدول حدودية مع المحتل هي التي ستحول دون تمدد مشروع المحتل لكل بلداننا.  

ويزيد الطين بلة غياب المشروع العربي في مواجهة هذين المشروعين.  

بين إيران ومشروعها وبين إسرائيل وأطماعها وشرورها، وفهم ما يدور بين سطور كل منهما، نجد الأردن بين فكي كماشة وبين تهديدين أقلهما وطأة هو خطر كبير على الأردن وعلى هويته.  

أمام كل هذا، ما العمل؟  

الحل هو بنسج جبهة أردنية قوامها الأحزاب والشخصيات الوطنية من كل بقاع الأردن، تقدم خطاباً يرفض كل مشاريع المنطقة بما فيها المشروع الفارسي وذلك اليميني المتطرف، الذي لا يهدد الأردن فحسب، بل يسعى للقضاء على أي بارقة أمل لإنشاء دولة فلسطينية.  

جبهة تؤمن وتقول بصراحة إن عدم مواجهة مشروع المحتل ومشروعه، وتحديداً ما يتعلق بالتهجير، هو خدمة لأجندات اليمين وخيانة لفلسطين والأردن على حد سواء، فهل من يعي؟  

ثم يلي هذه الجبهة، التي يلزم عليها رفع الصوت عالياً حماية للأردن، وجود حكومة قوية من شخصيات قادرة على الاشتباك مع الميدان، لتشرح للناس تلك المخاطر، وترفع لديهم الحس بتلك التهديدات التي تطل علينا من كل صوب، ناهيك عن خذلان الأشقاء والأصدقاء.