المغاربة: تصريح الصفدي يتزامن مع رسائل نتنياهو الخفية.. بناء "الإمارة الفلسطينية الجديدة"

  خاص 

قال المحلل والباحث الدكتور محمد المغاربة إن تصريح وزير الخارجية أيمن الصفدي، بأن أي محاولة إسرائيلية لتهجير فلسطينيي الضفة الغربية باتجاه الأردن سيتم اعتبارها بمثابة "إعلان حرب"، يأتي بالتزامن مع الرسائل التي بثها خطاب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأوضح خلال حديثه لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن خطاب نتنياهو يأتي تتويجاً لمبدأ أيديولوجي سبق أن روّجت له إسرائيل عبر عقود من الزمن، فوجود إسرائيل، كما يتصوره مؤسسوها ويتجسد في هويتها الدينية والوطنية، مرادف لفلسطين التاريخية بأكملها، وأن دولة اليهود ليست مجرد كيان سياسي، بل هي مظهر من مظاهر الوعد التوراتي، والتفويض اللاهوتي. مضيفًا أن التنازلات الوحيدة ستكون عن تلك الأراضي التي تعتبرها الدولة اليهودية غير حيوية لأمنها الوجودي، وهي قطاع غزة على وجه التحديد.

ونوّه المغاربة إلى أن إعلان نتنياهو ضم معانٍ ضمنية ربما لم يدركها العالم العربي، بل وجزء كبير من المجتمع الدولي بالكامل بعد، وهي حذف لبنان من الخرائط التي قدمها خلال المؤتمر الصحفي الأخير باللغة الإنجليزية، وأن ذلك لم يكن مصادفة أو سهوًا، بل بمثابة إشارة إلى إعادة ترتيب الأوراق الجيوسياسية، وهو ما يشير إلى أن الأهمية الاستراتيجية للبنان إما تضاءلت أو تم إعادة توظيفها بطرق لم يرها العالم بعد.

وأشار إلى أن الجانب الأكثر خطورة في خطاب نتنياهو لم يكن الادعاء الصريح بأن فلسطين كلها هي الوطن الأبدي لإسرائيل. ففي رؤية نتنياهو، ليست الضفة الغربية أرضًا للفلسطينيين، بل إنها في الواقع لن تظل على الإطلاق كما هي اليوم. قائلًا إن نتنياهو ألمح إلى واقع قادم متنكر في زي الهجرة، حيث سيتم تهجير السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، ونقلهم إلى تجربة جديدة رائعة ومتألقة: "هونغ كونغ" الشرق الأوسط.

وذكر المغاربة أن هذا "الفردوس" الموعود لن يشبه قطاع غزة اليوم، المكان المحاصر بالحرب والفقر. كلا، إن غزة نتنياهو سوف تتحول بفضل ضخ رأس المال الدولي، وخاصة من المستثمرين الأميركيين والخليجيين، إلى جيب اقتصادي حديث يتمتع بالرفاهية المذهلة، مضيفًا أنها ستكون لأولئك الراغبين في التخلي عن جوهر نضالهم، وهويتهم، ومقاومتهم.

وأضاف أن العزلة الجغرافية لهذا "الفردوس" الموعود لن تكون متصلة بمصر، ولن يكون هناك شريان حياة للمقاومة المستمرة من جانب حماس أو أي فصائل فلسطينية متبقية. محذرًا من أن هذه البقعة الجغرافية الجديدة ستشهد عزلًا لبقايا النضال الفلسطيني، وقطع شبكات دعمهم، وحرمانهم من الأكسجين السياسي الذي تحتاجه القضية.

وقال المغاربة إن فكرة "الإخلاء" و"التشريد" تكتسب بعدًا مخيفًا، فهي تعد إفراغًا متعمدًا للمعنى من القضية الفلسطينية. مضيفًا أنه سيتم تقزيم فلسطين، ودون الأقصى والقدس، حيث سيتم تدويل مقدساتها، وستُختزل فلسطين، وقضيتها، وشعبها إلى دولة هونغ كونغية تضم كل ديموغرافية فلسطين، وسيحشر سكانها فوق الشريط الأصفر الوحيد الذي قبله نتنياهو وأقر بتاريخيته وتبعيته للشعب الفلسطيني.

وأكد المغاربة أن اليقين الأكبر والأخطر الذي تلألأ من استعراض استراتيجية نتنياهو، هو أن "الكيكة" المغرية التي جعلت أو ستجعل بعضًا من عرب الشرق – شرق إسرائيل – يسيل لعابهم لها، وسيجهدون لقبول وتنفيذ هذه الاستراتيجية. فالشريط الأصفر الذي سيتحول بأموال أغنياء العرب إلى "الإمارة الهونغ كونغية الفلسطينية"، سيحتوي في مواطنيته لاحقًا الكثير من اللاجئين الفلسطينيين، لاجئي النكبة – أولئك الذين لا يزالون يشكلون أرقًا ديمغرافيًا مزمنًا للكثير من غلاة الشرق.