هل تنجح الاحزاب في المهمة؟

 

د. هايل ودعان الدعجة
 

الاردن له مبرراته للارتقاء بالحالة السياسية والبرلمانية في ظل الاخفاقات وحالات الاحباط التي بات يشهدها بلدنا على وقع اداء بعض المؤسسات المخيب للامال، فاختار ان يكون طريقه نحو ذلك من خلال برنامج وطني اصلاحي تحديثي اراد منه تعزيز المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار وادارة الشأن العام وصولا الى الحكومات الحزبية لتكون التتويج الحقيقي لهذا الحراك الاصلاحي.

فكانت البداية من القواعد التي من المفترض ان يبنى عليها هذا البناء الديمقراطي، ممثلة بانجاز جملة من التعديلات الدستورية واقرار قانوني الاحزاب والانتخاب لتحقيق هذا الهدف . ترافق ذلك مع حراك مجتمعي قادته مكونات رسمية وشعبية وسياسية وشبابية مختلفة، فتم اختيار مجلس النواب القادم ليكون بمثابة الاختبار او التطبيق العملي لكل هذه الجهود الوطنية التحديثية من خلال اعطاء الاولوية للعمل الحزبي ليكون بمثابة الطريق المؤدي الى البرلمان وعبر محطات انتخابية متدرجة تتكون من ثلاثة مجالس نيابية قادمة ،فكان ان بدأ الحراك الحزبي ليقوم بالمهمة.

الا ان اللافت في الموضوع كان في طريقة اخراج المشهد الحزبي، وظهور بعض الاحزاب التي لم تكن جاهزة او تتقن معنى العمل الحزبي المؤسسي البرامجي، فكان ان دخلت الحملات الانتخابية بدون برامج ، وانها من باب رفع العتب او محاولة اقناع نفسها انها مستعدة للمرحلة القادمة ، طرحت خطابات اشبه ما تكون بشعارات وبيانات مجردة من اي ادوات او اليات تجعلها قابلة للتطبيق وكأنها تريد تمرير محطة الحملات الانتخابية باي طريقة.. اضف الى ذلك ما تركته من انطباع سيء لدى المواطن من خلال اعتمادها على النخب والاشخاص واستقطاب شخصيات نخبوية ترى انها قد تعزز من فرص حضورها في المرحلة القادمة.. في محاولة منها لتوظيف العمل الحزبي لاعادة انتاج نفسها، متناسية ان الدخول الى هذه المرحلة الجديدة يفترض ان يكون من البوابة البرامجية والشعبية، التي يعول عليها في انجاح مسار التحديث المؤدي الى الحكومات الحزبية، كتعبير عن المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار.

اضافة الى ان هذه الاحزاب لم تلامس الوتر الشعبي حتى اللحظة، ولن يكون بمقدورها اقناع المواطنين بافكارها وبرامجها ، والتعبير بالتالي عن مصالحهم وتطلعاتهم وملامسة همومهم وقضاياهم . ولربما تكون هذه الاحزاب مسؤولة عن الانطباع السلبي الذي تولد لدى الشارع الاردني عن المشهد الحزبي بحلته الجديدة ، الذي على ما يبدو قد وقع ضحية الاخراج السيء.

ومع ذلك فانه لا بد من اعطائها فرصة لخوض مثل هذه التجربة من خلال خوض الانتخابات النيابية القادمة بعد تخصيص ٤١ مقعدا للقائمةالحزبية الوطنية، والتي ستكون بمثابة التحدي امام الجهات المعنية، لاثبات مدى الجدية بالسير بمنظومة التحديث وفقا لخارطة الطريق التي رسمت لها، طالما اننا نريد ان نجعل منها برهانا او معيارا عمليا لقياس ما اذا كنا سننجح فعلا في احداث التغيير المطلوب في قناعات الشارع الاردني ونظرته الى العمل الحزبي والبرلماني، بطريقة ستجعله متحمسا ومدفوعا نحو المشاركة في تلك الانتخابات وغيرها، وبما يضمن الارتقاء بالاداء البرلماني الى مستوى العمل الحزبي البرامجي المؤسسي، الذي يعول عليه في تكريس النهج الديمقراطي الاصلاحي في بلدنا.