الذكور أم الإناث.. أيهما أكثر في الأردن؟

 

بلغ عدد السكان الإناث في المملكة الأردنية الهاشمية في نهاية عام 2023، وفقًا لدائرة الإحصاءات العامة 5 مليون و419 ألف نسمة، وبنسبة بلغت %47.1 مقابل %52.9 من السكان الذكور، أي مقابل كل 100 أنثى في الأردن هنالك 112.5 ذكرًا.

وبلغت نسبة الإناث في الفئة العمرية المنتجة 64-15 سنة %60.6 من اجمالي الإناث، كما بلغت نسبة اللاتي أعمارهن أقل من 15 سنة %35.6، فيما بلغت اللاتي أعمارهن 65 سنة فأكثر %3.8

وأظهرت نتائج مسح قوة العمل ارتفاع نسبة الأردنيات اللاتي يرأسن أسرهن من %15.5 في عام 2015 إلى %20.6 في عام 2022 وبنسبة ارتفاع بلغت %32.9، ليسجل متوسط العمر وقت الزواج الأول للأردنيات ارتفاعًا مقداره سنة وأربع أشهر خلال عاميّ 2015 – 2022، هو 26.1 سنة في عام 2015، و27.5 سنة في عام 2022.

وفي هذا الصدد، قال أستاذ علم الاجتماع الدكتور منير كرادشة في حديثه لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية إن حصول المرأة على طفل ذكر يمثل حدثاً بالغ الأهمية، سواء بسبب ارتباط وجوده بارتفاع مكانة المرأة الاجتماعية - خصوصاً في المناطق الريفية النائية - أو للأهمية المقترنة بإنجابه، إذ يعني ذلك لكثير من الإناث في مثل تلك المناطق الريفية التقليدية إثباتًا لإنجازهن الإنجابي؛ فوجود الطفل الذكر في الأسرة يعني استمرار اسم العائلة وامتدادها، كما يشكل إنجاب الطفل لدى مثل هؤلاء الزوجات مصدر أمن وضمان للأبوين في حالة عجزهم وشيخوختهم، مضيفًا أن الأطفال الذكور - خاصة في المناطق الريفية والنائية - يمثلون قيمة مضافة إلى مصادر الدخل وقوة العمل في الأسرة.

وأوضح أن الموروث الاجتماعي، والأقوال، والأمثال الشعبية، تؤكد صدق هذا التوجه، ومن هذه الأقوال (الأمثال): "ألف ولد مجنون ولا بنت خاتون"، و"البنت ولو كانت فاس ما بتشق راس"، و"هم البنات للممات"، و"البنات مقاليع ابليس"، "لما قالولي ولد اشتد حيلي واتسند ولما قالولي بنية انهدت الحيطة عليّه"، مشيرًا إلى أن الأمثال الشعبية الأخرى تشير إلى مظاهر التمييز بين الذكور والإناث في مختلف مجتمعاتنا العربية الشرقية بشكل خاص، فعند ولادة البنت يقال: "جيبو بنات ولا تقعدوا بطالات"، و"اللي بجيب البنت بجيب الولد"، و"عقبال الصبي" وكأنه يعزي لولادة البنت، أما إذا ماتت المولودة البنت يقال:  "موت البنات أو سترتهن"، و"ماتت وليتك من صفا نيتك"، وللدلالة على الهم والحزن من وجود البنات في الأسرة يقال:  "هم البنات للممات ولو عرايس ومجوزات"، "دلل ابنك بيجيك ودلل بنتك بتخزيك"، ليقال عند ولادة الذكر: "ما أحلى نزلتهم، ولو ماتوا بساعتهم"،  و"الولد فرحة ولو إنّه قد القمحة".

وبيّن كرادشة أن المرأة التي لم تنجب أطفالًا ذكورًا، تكون مدعاة لشفقة مجتمعها ويطلق عليها مثلًا "أم الولايا" في دلالة على التعاطف: بينما يطلق على الرجل الذي لم يرزق إلا بنات "بأبو الولايا" في دلالة على تعاطف مجتمعه معه.

وذكر أن أسباب ومبررات تفضيل الذكور تختلف من حقبة زمنية لأخرى ومن مجتمع لآخر، كما تختلف درجة وقوة هذا التفضيل من ثقافة لأخرى، إلا أنه يمكن إجمال أسباب التفضيل والتمييز في مناحٍ عدة تتمثل بالبيولوجية أي اختلاف التركيب الجسمي والقوة العضلية، والاختلاف الوظيفي والبيولوجي  والاجتماعية أي وارتهان النظرة إلى الذكور عادة بأنهم المحافظون على اسم العائلة واستمرارها وأنهم المدافعون عنها، والورثة الشرعيون لثروة وعزوة الأسرة والعشيرة، وأنهم مصدرٌ للفخر والتباهي داخل نطاق الأسرة، بينما ينظر للمرأة على أنها معيار للشرف. وقد تتعرض المرأة للطلاق والمهانة إذا لم تنجب الذكور وأنجبت إناثاً فقط، خاصة في المجتمعات الزراعية التقليدية، والاقتصادية أي أن الرجل هو رب الأسرة ومعيلها وصاحب الامتياز في مختلف الأعمال والنشاطات الاقتصادية، وأن الأبناء الذكور خير معين للأب في عمله وخير ضمان للأبوين في حالة العجز أو الشيخوخة، بينما تعتبر الإناث عبئاً اقتصادياً "فالبنات استثمار خاسر"، ولا تفضل الإناث إلا لمساعدة الأم في أعمال البيت ورعاية الأطفال، أو لتوفير عوائد اقتصادية في بعض الأعمال المنزلية المحددة. وهكذا، ينظر إلى الطفل الذكر بأنه عنصر الأمان والضمان الاقتصادي للآباء في المستقبل، وخاصة في مجتمعات الدول النامية التي لا تتوفر فيها وسائل الضمان والحماية المادية في حالة العجز أو الشيخوخة أو التعطل عن العمل.

وقال كرادشة إن صور "تفضيلات" إنجاب الذكور فإنها كثيرة، ومنها تفضيل إنجاب الطفل الأول ذكرًا، أو إنجاب جميع الأطفال ذكورًا، أو إنجاب عدد من الذكور أكبر من عدد الإناث، أو الاستمرار في الإنجاب أملًا في إنجاب عدد كاف من الأطفال الذكور بصرف النظر عن عدد الإناث، أو وجود إناث غير مرغوب بهن، أو ارتفاع معدلات الوفيات للإناث نتيجة قلة الاهتمام أو سوء التغذية، أو عدم الحصول على نفس الرعاية الصحية اللازمة ونفس فترات الرضاعة الطبيعية التي يحصل عليها الذكور.