تحذير صاخب

العميد الركن م. أيمن الروسان

 

عملية تل ابيب الاستشهادية الاحد الماضي اعادت للاذهان العمليات الفدائية الاستشهادية إبان الانتفاضة الثانية مطلع هذا القرن و التي امتنعت المقاومة عن تنفيذها لاسباب تتعلق بالراي العام العالمي والخسائر المدنية التي قد تترتب على هذه العمليات رغم ان هذا النوع من العمليات يعتبر من ابرز ادوات المقاومة اذ يعتبر سلاح استراتيجي في مواجهة الاحتلال . يعود اليوم للواجهه بعد التغير بطبيعة العمليات العسكرية واستمرار حرب الاستنزاف مع قوات الاحتلال ليشكل كابوس امني مستجد ، العنصر الاساسي فيه ليس التدريب ولا التكنولوجيا بقدر ما هو تفاني وتضحية في انجاز المهمة ، الوسائل العسكرية غير قادرة على كبحه رغم ان وسائله بدائية بمتفجرات تقليدية يمكن تحضيرها في مختبرات التصنيع المحلي فالاستشهادي يصعب مقاومته ويعد من افضل الوسائل لرفع وتيرة التحدي وايقاع خسائر فادحة بالضغط على عصب الامن المؤلم لمجتمع الكيان وان لا امان لمستوطن . اسحق رابين في دفاعه عن نفسه يقول ماذا يمكن ان تفعل لانسان يريد ان يموت .

   بعد ١١ شهر من المقتلة يسعى الاحتلال لفرض سطوته ، ابادة جماعية و تهجير قصري وهذا الحجم من الدمار والتواطؤ الدولي ورداً على سياسة الاغتيالات وتردد الجانب الايراني بالرد والمماطلة في المفاوضات وإفشال فرص عقد الصفقة على يد نتنياهو بدعم غربي نحو استمرارية الحرب ومحاولة خنق المقاومة المتنامية في الضفة الغربية . كل ذلك ادى الى زيادة الدافعية بين الشباب و خاصة شباب المخيمات بسبب اعمال التنكيل التي يقوم بها المستوطنون ضد السكان مما يهيء لانتفاضة ثالثة و يخلق أرضاً خصبة لتجنيد الاستشهادين والتي من شانها ان تحدث انعطافة حادة في مسلكية الحرب تكون فيه هذه العمليات هي الخيار وبقرار يُتخذ .

   لاشك ان عملية تفجير جنوب تل ابيب بسيارة مفخخة تثير مخاوف من عودة هذه العمليات للداخل المحتل وهي بمثابة رسالة تحذير صاخبة تجاوزت منظومة الامن المعقدة لدولة الاحتلال و دلالة على ان المقاومة ممسكة بزمام امورها وانها قادرة على فرض معادلات جديدة تنتقل من اسلوب لاخر وتحول مسار المعركة الى مسارات اخرى .