57 % من سيدات الأردن لا يرغبن بإنجاب أطفال.. وكرادشة: تحولات مقلقة

 

أظهرت نتائج تقرير مسح السكان والصحة الأسرية في الأردن لعام 2023، الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، انخفاضًا في معدل الإنجاب الكلي بشكل متسارع بين عامي 1990 و2002 من 5.6 إلى 3.7، وتبع ذلك تغير طفيف بين عامي 2002 و2012؛ حيث تذبذب معدل الإنجاب من 3.5 إلى 3.7. ومع ذلك، فقد انخفض معدل الإنجاب الكلي منذ ذلك الوقت ليصل إلى 2.6 في عام 2023.

كما أجابت 57% من السيدات المتزوجات في الأردن بأنّهن لا يرغبن في إنجاب المزيد من الأطفال في أي وقت في المستقبل، من بينهن 2% من السيدات اللاتي تم تعقيمهن. إضافة إلى ذلك، أجابت 15% من السيدات بأنّهن يرغبن في تأخير إنجاب طفل آخر لمدة عامين على الأقل. وبجمع هاتين النسبتين، يتضح أن 70% من السيدات المتزوجات في الأردن قد يكون لديهن حاجة محتملة لخدمات تنظيم الأسرة فيما يتعلق بتنظيم الولادات أو المباعدة بينها.

وذكر التقرير أن هناك انخفاضًا في معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة مع مرور الوقت، حيث تراجع من 21 حالة وفاة لكل 1000 مولود حي في عام 1990 إلى 9 وفيات لكل 1000 مولود حي في عام 2023. كذلك انخفضت وفيات الرضع من 34 وفاة إلى 14 وفاة لكل 1000 مولود حي. في حين انخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة من 39 إلى 15 حالة وفاة لكل 1000 مولود حي.

في هذا الصدد، قال أستاذ علم الاجتماع الدكتور منير كرادشة إن الموروثات المجتمعية التي تفضل الإنجاب اصطدمت بارتفاع التكاليف المعيشية والضغوط الاقتصادية، ما دفع العديد من الأسر إلى إعادة النظر والتفكير بجدية حول ما إذا كانت تريد الإنجاب أو خفضه.

وأشار خلال حديثه لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية إلى أن تحول دور المرأة في الأردن، والناتج عن زيادة فرص الحصول على التعليم، دفع بها لملاحقة فرص العمل، ما تسبب في تأخر سن الزواج. وبطبيعة الحال، يؤدي هذا التأخير إلى انخفاض سنوات الإنجاب.

وأوضح أن تمكين المرأة أدى إلى تغير في سلم الأولويات، حيث يتم موازنة التطلعات الشخصية والمهنية مع الأدوار الأسرية التقليدية.

وأضاف كرادشة أن هناك ثباتًا في مستويات الخصوبة السكانية في الأردن على مدى عقدين من الزمن، وأن العولمة ألقت بظلالها على المفاهيم الثقافية والتقليدية للأسرة. فالنظرة التقليدية للأسرة الكبيرة كمصدر للفخر والأمن الاجتماعي أفسحت المجال لنهج أكثر فردية، يركز على جودة الحياة والرفاهية من خلال إنجاب عدد أقل من الأطفال. وفي الوقت ذاته، بلغت نسبة إنجاب الأطفال في المناطق الريفية 2.8 مقارنة بـ2.6 في المناطق الحضرية.

ونوه إلى أن انخفاض معدلات الإنجاب يثير مخاوف بشأن البنية العمرية المستقبلية للسكان، فمن المتوقع أن ترتفع نسبة الأفراد المسنين في المجتمع، مما قد يؤدي إلى ضغوط على أنظمة الضمان الاجتماعي والبنية التحتية للرعاية الصحية. وأضاف أن الارتفاع المتوقع في متوسط العمر المتوقع، بجانب انخفاض معدلات المواليد، سيؤدي إلى انكماش قوة العمل.

وذكر كرادشة أن التحول نحو الأسر الأصغر حجمًا قد يكون له آثار أوسع على التماسك الاجتماعي وديناميكيات الأسرة في الأردن. فقد لعبت الأسر الكبيرة الممتدة تقليديًا دورًا محوريًا في تقديم الدعم الاجتماعي والحفاظ على الاستمرارية الثقافية. ومع انكماش حجم الأسرة، قد تضعف هذه الروابط التقليدية، مما قد يؤدي إلى زيادة الفردية وحدوث تغيرات في طريقة عمل شبكات الدعم الاجتماعي.