توسيع مساحة إسرائيل.. نافذة على عقلية صناع السياسات الأميركية

 

كشف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن تفكيره مرارًا في دعم توسيع رقعة إسرائيل، مؤكدًا أنه يرى مساحة دولتها صغيرة.

ترامب قال في تصريح نشرته القناة الـ12 الإسرائيلية، إن "مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخريطة، ولطالما فكّرت كيف يمكن توسيعها".

وقد تردد صدى تعليقات ترامب حول توسيع مساحة إسرائيل، مما أثار مخاوف عدة، فتصريحه كما يرى أكاديميون ومحللون مشحون بتداعيات كبيرة، تقدم نافذة على عقلية ترى أن الأبعاد الجغرافية لإسرائيل غير كافية.

وفي هذا الصدد، علق المحلل السياسيّ الدكتور حسن البراري قائلًا إن تصريح ترامب يحمل بعدًا جيوسياسيًا خطيرًا، وليس مجرد تأملات لرئيس سابق بل هو انعكاس لأفكار استراتيجية أعمق ظهرت في واشنطن لسنوات، في إشارة إلى سماع تصريحات مماثلة داخل الغرف المغلقة في واشنطن، ودوائر صنع القرار.

تعليق الدكتور البراري يرى في التصريح المثير للجدل بأنه يتماشى مع المصالح الاستراتيجية الأوسع التي يتبناها بعض صناع السياسات في الولايات المتحدة، منوهًا إلى أن حدود الدول وتوازن القوى تخضع للتفاوض وإعادة التعريف باستمرار.

وبشكل أساسي، يحذر الدكتور البراري من أن تصريحًا مثل هذا، يعكس إعادة تصور محتمل للسياسة الخارجية الأميركية تجاه الإقليم والمنطقة.

من جانبه، أوضح المحلل السياسي محمد الغرايبة في حديثه لصحيفة "أخبار الأردن" أن كلمات ترامب ليست خطيرة فحسب - بل إنها إهانة للعدالة والقانون الدولي، متسائلًا: "فمتى ومن سيحاكم ترامب ويعاقبه؟".

ويذهب رد الغرايبة إلى أبعد من ذلك، حيث يعكس خيبة أمل عميقة في وجود إسرائيل كدولة. ويؤكد: "من الطبيعي، يا سيد ترامب، أن تظهر إسرائيل صغيرة على الخريطة. إنها صغيرة بحيث يمكن إزالتها بسهولة".

وبالنسبة للغرايبة فإنه يُنظر إلى إسرائيل على أنها "كيان طوارئ وحشي وشاذ"، وما هي إلا شراذم تضم ملايين متناثرة، ومتناحرة، ومختلفة، يسهل إعادتها من حيث جاءت أو يمكن استخدامها ونقلها إلى حدود تكساس والمكسيك لمنع المهاجرين من تدمير أمريكا، ليتحقق بذلك حلم ترامب المهووس بإعادة أمريكا عظيمة نقية بلا أغراب أو مهاجرين، فهذه هي حقبة أمريكا غريبة الأطوار!.

وأوضح أن فكرة التوسع ما هي إلا انقضاض على جميع المزاعم والأكاذيب التي أوجدت ما يسمى بـإسرائيل باربي الصغيرة، مشيرًا إلى أن صغيرة ترامب المدللة زائلة حتمًا، فالأمة العربية الإسلامية ليست مختصرة ومختزلة، مضيفًا: "سوف تستيقظ يومًا ما من حلمك النرجسي، وتتخلى عن غرابة أطوارك، وتدرك أن هذه الأمة الحقيقية عميقة تاريخيًا، وحضاريًا، وعقائديًا، حتى أنها ترفض المساس بحقوقها ومقدساتها وكرامتها من قبل غرباء الأطوار، والدخلاء الصغار.

بدوره، يضيف الدكتور محمد البستنجي لدى حديثه لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، مزيدًا من التفاصيل حول المخاطر الكامنة في تصريحات ترامب، فهي لا تمثل رأيه الفردي، ولم تطلقها شجاعته، مبينًا أن هناك نقاشات موسعة داخل واشنطن، ترى أن توسع إسرائيل ليس ممكنًا فحسب، بل حتميّ.

ووفقًا له، فإن هذه الأيديولوجية التوسعية تشكل تهديدًا وجوديًا للمنطقة، وهو ما يتطلب استجابة منسقة. ويتساءل: "ماذا نفعل في مواجهة هذا الخطر المتزايد؟"، وهو سؤال يؤكد على ضرورة معالجة التحديات التي يفرضها مثل هذا الخطاب.

وتمتد تداعيات تعليقات ترامب إلى ما هو أبعد من مجرد الكلمات؛ فهي تمس نسيج الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط. إن تصريح ترامب بتوسيع حدود إسرائيل هو تذكير صارخ بالصراع الدائم على الأراضي والهوية في المنطقة، كما أنه يسلط الضوء على التوترات التي ابتليت بها منطقة الشرق الأوسط لعقود من الزمان، وهي التوترات التي أشعلتها قوى خارجية ذات مصالح راسخة. وبالنسبة للعديد من المتخصصين، فإن كلمات ترامب ليست مجرد انعكاس لآرائه الخاصة بل هي مظهر من مظاهر استراتيجية أوسع نطاقًا وجهت منذ فترة طويلة السياسة الأميركية في المنطقة ــ وهي الاستراتيجية التي يعتقد البعض أنها تهدف إلى ضمان هيمنة إسرائيل، بغض النظر عن التكلفة التي قد يتكبدها جيرانها.

وفي هذا السياق، فإن ردود أفعال شخصيات مثل البراري والغرايبة والبستنجي ليست مجرد انتقادات لترامب بل هي دعوات إلى العمل، وهي بمثابة تذكير بأن النضال من أجل فلسطين مستمر، وأن مستقبل المنطقة يعتمد على كيفية استجابة شعبها وقادتها للتحديات التي تفرضها مثل هذه التصريحات.