تحديد ساعات اغلاق المحلات التجارية .. وجهة نظر
د. مالك القصاص
كشف مؤخرا رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق أنه، وبالتوافق مع أمانة عمان الكبرى، سيبدأ تطبيق تعليمات قرار إغلاق المحلات التجارية بوقت محدد في مطلع شهر تشرين الثاني المقبل. كما وبين أن الإغلاق سيكون عند التاسعة مساء في فصل الشتاء وعند العاشرة مساء في فصل الصيف. وبالإضافة الى ذلك، أكد أنه سيتم دراسة القرار كل 3 شهور بحيث يتم شمول قطاعات أخرى أو استثناء قطاعات أو تمديد مدة الدوام. وأوضح أيضا ان القرار استثنى المخابز والسوبر ماركت ودور السينما والمطاعم والمقاهي والقطاعات الخدماتية والسياحية.
تباينت مؤخرا مواقف العديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين حول تأثير قرار إغلاق المحلات التجارية بوقت محدد، فعلى الرغم من التخوفات من تأثير هذا القرار السلبي على المحلات التجارية وخصوصا على المحلات الصغيرة، فإنها تعد مبادرة ذات فوائد عديدة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والعائلي.
يوجد العديد من الآثار الإيجابية والفوائد التي يعود بها تحديد ساعات العمل على الاقتصاد، ومن اهمها تنظيم العمل، حيث ان تحديد ساعات العمل يعزز من تنظيم العمل ويمنع الاستغلال المفرط للعمال، مما يحسن من بيئة العمل ويزيد من الإنتاجية. كما ويساهم في تشجيع السياحة، حيث ان ساعات العمل المنتظمة تساعد في الحفاظ على استقرار السوق وتوفير خدمات للسياح بشكل مستمر، مما يدعم الاقتصاد المحلي. وبالإضافة الى ذلك، يدعم المنافسة العادلة، حيث ان توحيد ساعات العمل يساعد في خلق منافسة عادلة بين المحلات الصغيرة والكبيرة.
وفي ذات السياق، يساهم هذا القرار في توازن الحياة العملية والحياة الشخصية، حيث ان ساعات العمل المحددة تمكن الموظفين من تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الأسرية، مما يقلل من التوتر ويساهم في تحسين العلاقات الأسرية. كما ويمكن للأسر الاستفادة من الوقت المسائي لقضائه معًا، مما يعزز الروابط الأسرية.
وبالإضافة لما سبق، تحديد ساعات العمل له اثار ايجابية على المجتمع. فيساهم في الحفاظ على التراث والثقافة، حيث ان ساعات العمل المنتظمة تحافظ على نمط الحياة التقليدي وتساهم في حماية التراث الثقافي. كما يعزز الأمان، حيث ان تقليل ساعات العمل في الليل يمكن أن يساهم في زيادة الأمان في المناطق التجارية. وبالإضافة الى ذلك، يعزز الأنشطة الاجتماعية، حيث توفر وقت أكبر للمواطنين للمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والمجتمعية.
بالرغم من الآثار الإيجابية والفوائد التي يعود بها تحديد ساعات العمل، إلّا أنّه قد ينتج عنها بعض السلبيات التي تنعكس عليه، فقد يؤدي الى تقليص خيارات التسوق المتاحة للمواطنين، خاصة لأولئك الذين لديهم جداول زمنية غير منتظمة. كما ويمكن ان يؤثر بشكل سلبي على مالكي المحلات الصغيرة الذين قد يعتمدون على ساعات العمل الممتدة. وبالإضافة الى ذلك، يمكن ان يؤدي الى زيادة الضغط على شبكة النقل والمواصلات، مما قد يؤدي إلى اختناقات مرورية.
تحاورت مؤخرا مع صديقة لي نائبة في البرلمان الإيطالي، والتي طلبت مني ان لا أفصح عن اسمها، حول موضوع تحديد ساعات عمل المحلات التجارية والمطاعم في إيطاليا. اكدت لي ان إغلاق المحلات التجارية في إيطاليا في موعد محدد يعتبر جزءًا من الثقافة والقوانين المحلية، وله تأثيرات متعددة على الاقتصاد، والعائلة، والمجتمع.
ومن الجدير بالذكر، ان مواعيد إغلاق المحلات والمطاعم في إيطاليا (كمعظم الدول الاوروبية) تختلف بشكل كبير بناء على الموقع (مدينة كبيرة أم بلدة صغيرة) ونوع العمل. فعلى سبيل المثال، المحلات التجارية غالبا ما تفتح من الساعة 9:00 صباحا حتى الساعة 12:00 ظهرا، ثم تغلق لفترة وتعيد فتح أبوابها من الساعة 4:00 مساءً حتى الساعة 7:00 أو 8:00 مساء. اما المحلات الكبيرة والمولات عادةً ما يكون لديها ساعات عمل أطول.
اما المطاعم، عادة ما تكون مفتوحة لفترة الغداء من الساعة 12:00 ظهرا حتى الساعة 2:30 أو 3:00 مساء. كما وتفتح أبوابها في الفترة المسائية للعشاء من الساعة 6:30 أو 7:00 مساء حتى الساعة 10:00 أو 11:00 مساء. في المناطق السياحية، غالبًا ما تبقى المحلات والمطاعم مفتوحة لفترات أطول لتلبية احتياجات الزوار.
وأخيرا، إغلاق المحلات التجارية في موعد محدد له فوائد عديدة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والعائلي، لكنه يحتاج إلى موازنة مع التحديات المحتملة لضمان تحقيق أكبر قدر من الفوائد للجميع. وكما من المهم أن يأخذ صناع القرار في الاعتبار جميع العوامل المؤثرة في تنفيذ مثل هذا القرار، لتحقيق توازن يعزز من جودة الحياة للمواطن وفعالية تنظيم الأعمال التجارية.