مع القرار

 

سلامة الدرعاوي


في خطوة تعتبر بمثابة قرار إيجابي وعقلاني في حال تطبيقه وهو تحديد مواعيد إغلاق المحال التجارية في فصل الصيف والشتاء ليضع الأمور في نصابها الصحيح، فمن غير المعقول أن تبقى المحال مفتوحة حتى منتصف الليل دون وجود زبائن، الأمر الذي يؤدي إلى إهدار موارد الطاقة والجهد بلا طائل. إنني أدعم بشكل كامل بقاء بعض الأنشطة الحيوية المرتبط بالسياحة وبالمستهلك تحديدا مثل محال السوبرماركت والصيدليات أن تبقى مفتوحة على مدار الساعة، فهذه الخدمات تمثل حاجة أساسية للمواطنين وتلبي متطلباتهم الطارئة في أي وقت من اليوم، كذلك، من المنطقي أن تبقى المطاعم والمقاهي تعمل لساعات متأخرة، خاصة في المدن الكبرى التي تشهد نشاطًا اجتماعيًا وسياحيًا حتى ساعات الليل المتأخرة، وكذلك محلات العطور ومستلزمات التجميل وغيرها التي لها علاقة بالنشاط السياحي والاجتماعي، ولكن، من غير المقبول أن تبقى معارض السيارات ومحال بيع مواد البناء أو الأجهزة الخلوية أو الألبسة مفتوحة لما بعد الساعة التاسعة مساءً، خصوصًا في غير مواسم الأعياد أو الفترات التي تتطلب ساعات عمل إضافية. في الواقع، تلك المحال تتحول في ساعات الليل إلى أماكن اجتماعية غير منتجة، حيث تصبح مجالس للعب الورق أو شرب الأرجيلة، وهو أمر لا يتوافق مع أهداف التنمية الاقتصادية أو حتى المنطق التجاري، فمن غير المتوقع أن يأتي شخص في التاسعة مساءً لشراء مركبة، أو دراجة، أو حتى كيس إسمنت، وهي احتياجات يمكن تلبيتها بسهولة خلال ساعات العمل النهارية. الأمر لا يقتصر فقط على هذه الفئات من المحال التجارية؛ يمكن أن ينسحب الأمر أيضًا على محال بيع الأدوات المنزلية، ومحال الأثاث، ومحال الأجهزة الإلكترونية، وكلها نشاطات لا تتطلب البقاء مفتوحة حتى ساعات متأخرة من الليل، خاصة إذا كانت تلك المحال خارج المراكز التجارية الكبرى التي تجذب حركة مرور أكبر من الزبائن.


من جهة أخرى، يجب أن نتأكد من وجود عدالة في تطبيق هذا القرار بين المحال داخل المولات وخارجها، خاصة عندما تكون المحال تقدم نفس النوع من الخدمات، فلا يعقل أن يبقى محل داخل مول مفتوحًا لساعات متأخرة بينما يجبر محل مشابه خارج المول على الإغلاق مبكرًا، وهذه العدالة في التوقيت تضمن عدم احتكار بعض المحال للعمل في ساعات معينة وتوفر فرصًا متساوية للجميع. وفي هذا السياق، من المهم التأكيد على أن هذا الإجراء ليس بجديد ولا يعد اختراعًا حتى يتم محاربته من قبل التجار أو أصحاب المحال، بل على العكس، فإن هذا النهج مطبق في العديد من دول العالم، وخصوصًا في أوروبا، حيث يتم تنظيم ساعات العمل بما يتناسب مع احتياجات السوق والمجتمع، مما يعزز من الكفاءة ويقلل من التكاليف غير الضرورية على أصحاب المحال.

على الجانب الآخر، لا بد من الإشارة إلى أهمية بقاء الأنشطة السياحية والثقافية نشطة، حتى وإن كانت ضمن إطار محدد، وهذا يتضمن استمرار عمل المطاعم، والمولات، والمراكز الثقافية في المدن السياحية، التي تشهد تدفقًا كبيرًا من السياح، وهنا تكمن أهمية المرونة في التطبيق، بما يتناسب مع طبيعة المكان واحتياجات السكان والزوار. في الختام، يمكن القول إن هذا القرار يعكس فهماً عميقاً للاحتياجات الفعلية للمجتمع، كما يعزز من الكفاءة الاقتصادية للمحال التجارية، ويضمن استغلال الموارد بشكل مثالي. ومع هذا التوازن بين المتطلبات التجارية والحاجة للحفاظ على حياة اجتماعية نشطة، نستطيع القول إن هذه الخطوة هي في الاتجاه الصحيح، وتخدم المصلحة العامة على المدى الطويل.