اربيحات: مرشحون يحاولون تقليد حسين باشا الطراونة ووصفي التل

 

قال وزير الثقافة الأسبق، الدكتور صبري اربيحات، إن اقتراب موسم الانتخابات يثير الخوف لدى المواطنين، ليس بسبب التجديد الديمقراطي الوشيك، بل نتيجة العروض التي يقدمها المرشحون والتي لا تحمل جديدًا.

وأضاف أن التجمعات الانتخابية، أو ما يُطلق عليها بالمهرجانات، يجب أن تعمل كمختبرات للخطاب الديمقراطي وتبادل الأفكار، لا أن تكون مجرد استعراض للثروات والقوة.

وأضاف في حديثه لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هناك شعورًا يتولد لدى المواطن عند الاستماع إلى المرشحين الصاعدين، وهو الإحساس العميق بالاغتراب، وكأن هؤلاء المرشحين لا ينتمون للمجتمع ولا يكترثون له.

وانتقد اربيحات محاولات بعض المرشحين تقليد شخصيات تاريخية مثل حسين باشا الطراونة أو وصفي التل، من حيث وقفاتهم وإيماءاتهم، مؤكدًا أن تلك المحاولات غالبًا ما تفشل، إذ تكشف التراكيب اللغوية المستخدمة عن افتقارهم للجذور التاريخية.

وبيّن الدكتور اربيحات أن النظر عن كثب إلى الحاضرين في هذه المهرجانات يكشف عن انقطاع صارخ بين الناخبين والمرشحين. فالكثير من المشاركين لا يجذبهم الطرح الفكري للمرشحين أو رؤيتهم السياسية أو نزاهتهم الأخلاقية، في وقت لم يعد الحديث يدور فيه حول الخدمة العامة بقدر ما يدور حول توزيع الغنائم.

وأوضح أن بعض المرشحين الذين يظهرون بشكل بارز في مثل هذه الأحداث، غالبًا ما يبدو أنهم أكثر اهتمامًا باستعراض ثرواتهم والقوة التي يمتلكونها، بدلًا من الانخراط في القضايا الجوهرية المطروحة. وأشار إلى أن حضور هذه المهرجانات من قبل الناخبين لا يكون بدافع الأمل، بل بدافع الحاجة إلى فهم آليات العمل الانتخابي، ومعرفة ما إذا كانت قواعد اللعبة قد تغيرت وما إذا كان هناك أي مساحة متبقية للمشاركة الديمقراطية الحقيقية.

وأكد الدكتور اربيحات افتقار الخطابات للثقل الذي يأتي من الارتباط العميق بالناس، ما يظهر انفصال المرشحين بشكل متزايد عن المجتمع الذي من المفترض أن يمثلونه. ففي هذا العصر المليء بالصور والشعارات وتأثير الذكاء الاصطناعي، نجد أنفسنا في عالم يُصنع القادة فيه بما يتناسب مع السرد الذي تمليه الخوارزميات، بدلًا من الحقائق الثقافية والاجتماعية للشعب الذي من المفترض أن يقودوه.

وبيّن أن الخوف لا يتلخص فقط في أننا نقاد من قِبَل أولئك الذين لا يشبهوننا، بل وأيضًا في أننا نقاد من قِبَل أولئك الذين لا يفهموننا. ونوّه إلى أن التحدي الذي يواجهنا هو استعادة المساحة اللازمة للمشاركة السياسية الحقيقية، والمطالبة بالمزيد من قادتنا، ومقاومة إغراء المشهد الفارغ الذي يُمرر الآن على أنه ديمقراطية.

وأضاف الدكتور اربيحات: "مع وقوفنا على أعتاب موسم الانتخابات، يتعين علينا أن نتأمل ما هو على المحك. إن مشهد الحملات الانتخابية، بكل ما فيه من بهرجة وسطحية، يخبرنا بأن هناك حاجزًا بين المرشحين والناخبين، بين الصورة والواقع، بين السطحي والجوهر."