النتائج النصفية للشركات

  سلامة الدرعاوي

في ظل النتائج المالية للنصف الأول من عام 2024، يظهر بوضوح أن الشركات المدرجة قد واجهت تحديات كبيرة أدت إلى تراجع في صافي الأرباح في العديد من القطاعات، وعلى الرغم من بعض التحسن في قطاعات فرعية

 معينة، إلا أن الاتجاه العام كان نحو الانخفاض. من الواضح أن البيئة الجيوسياسية المضطربة في المنطقة كان لها تأثير كبير على الاقتصاد الوطني بشكل عام، وبالتالي على أداء الشركات المدرجة، فقد شهدنا تراجعًا في قطاعات

 مهمة مثل قطاع الفنادق وقطاع الصناعات الاستخراجية. وتجدر الإشارة إلى أن المقارنة تُجرى بين نصف العام الحالي والنصف الأول من العام الماضي، حيث لم تكن المنطقة تعاني من نفس مستوى الاضطرابات، حيث تأثر

 قطاع السياحة والفنادق بشكل كبير، إذ إن الأحداث الجيوسياسية الأخيرة قد أثرت في تدفق السياح والاستثمارات في هذا القطاع. كما شهد قطاع الصناعات الاستخراجية تراجعًا ملحوظًا في الأرباح، حيث إن التوترات السياسية

 أثرت بشكل مباشر على العمليات الإنتاجية والتصديرية، مما أدى إلى انخفاض الإيرادات والأرباح، وعند مقارنة الأداء الحالي مع السنوات السابقة، نجد أن عام 2022 كان عامًا استثنائيًا من حيث الأرباح، حيث حققت الشركات أرباحًا غير

 مسبوقة في تاريخها، وكان عام 2023 ثاني أعلى عام في تحقيق الأرباح، مما يجعل المقارنة الحالية تبدو أكثر تحديًا؛ نظرًا للظروف الاستثنائية السابقة. النصف الأول من عام 2024 شهد تراجعًا ملحوظًا في صافي أرباح

 الشركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة عمان، حيث بلغت الأرباح بعد الضريبة 961.7 مليون دينار مقارنة بـ1071.2 مليون دينار في نفس الفترة من العام السابق، ما يمثل انخفاضًا بنسبة 10.2 %، وهذا التراجع لم يكن مفاجئًا، إذ كانت الأسباب واضحة ومستمرة من الربع الأول. الظروف الاقتصادية العالمية تسهم أيضًا في خلق بيئة من عدم اليقين، مما يزيد الضغط على الأسواق المحلية، فالتقلبات في الأسواق العالمية، مثل الانخفاض الملحوظ في البورصات العالمية بنسبة تصل إلى 2 %، تعكس حالة الخوف والقلق من التضخم والركود الاقتصادي الذي يلوح في الأفق، وهذه الأوضاع دفعت بالعديد من المستثمرين إلى إعادة تقييم استثماراتهم وتقليص تدفقاتهم المالية، ما أثر بشكل مباشر على أداء الشركات. على الرغم من التراجع العام، هناك بعض القطاعات الفرعية التي أظهرت أداءً إيجابيًا خلال النصف الأول من عام 2024، فكانت قطاعات مثل الخدمات الصحية والصناعات الكهربائية شهدت نموًا ملحوظًا في أرباحها بنسبة 201.2 % و87.2 % على التوالي، فهذه النتائج الإيجابية تعكس قدرة بعض الشركات على التكيف مع الظروف المتغيرة والاستفادة من الفرص الناشئة في السوق، وقطاع الأدوية والصناعات الطبية أيضًا حقق نموًا بنسبة 29.8 %، مدفوعًا بزيادة الطلب على المنتجات الصحية في ظل استمرار التحديات الصحية العالمية. اخيرا من حيث الأداء الفردي للشركات، ما تزال بعض الشركات الكبرى تحافظ على أرباحها رغم التحديات، فالشركات العشر الأعلى من حيث الأرباح، والتي تشمل البنك العربي، مناجم الفوسفات الأردنية، البوتاس العربية، بنك الإسكان، البنك الأردني الكويتي، بنك المال الأردني، مصفاة البترول الأردنية/جوبترول، البنك الإسلامي الأردني، بنك الأردن، الاتصالات الأردنية، ساهمت بنسبة 85.8 % من إجمالي أرباح الشركات الرابحة. وهذا التركيز العالي للأرباح في عدد محدود من الشركات يعكس التفاوت الكبير في أداء الشركات المدرجة، حيث تمكنت بعض الشركات من الحفاظ على مكانتها السوقية والاستفادة من قوتها التشغيلية لتحقيق أرباح جيدة.