غياب قرارات مجلس الوزراء النوعية وهذه الحلول !

  كتب أ.د. محمد الفرجات


في الأشهر الستة الأخيرة، شهدنا سلسلة من القرارات من مجلس الوزراء لم تزد عن الموافقة على تعديلات على بعض الأنظمة وتسيير الأعمال، بينما كان من المفترض أن تتخذ الحكومة خطوات جريئة لتلبية احتياجات المواطنين.

ففي ظل تفشي الفقر، وارتفاع الأسعار، وتزايد تكاليف المعيشة، وكلفة المحروقات والكهرباء، أصبح واضحًا أن الحكومة لم تقدم الحلول المطلوبة لتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

- غياب المبادرات النوعية والابتكار

تجاهل مجلس الوزراء للتحديات التي تواجهها البلاد هو أمر لا يمكن السكوت عنه، فبدلاً من تقديم حلول فعالة ومبادرات اقتصادية جديدة، اقتصر النشاط الحكومي على تعديلات شكلية على الأنظمة الحالية، في وقت نحن أمس الحاجةت فيه إلى مشاريع كبرى لتشكل محركات اقتصادية وتنشط الاقتصاد الوطني، فالواقع الذي نعيشه يبين عجز الحكومة عن تقديم رؤية استراتيجية واضحة.

- انتظار التوجيهات الملكية والتغطي بعباءة الملك

ما يثير القلق هو أن الحكومة تبدو وكأنها في حالة انتظار دائم لتوجيهات جلالة الملك. 
هذا الوضع ليس له أي مبرر، خاصةً عندما يكون المواطن يعاني من الفقر والعوز وارتفاع تكاليف الحياة، وأن كتاب التكليف السامي للحكومة غني وواضح.

الحكومة بدلاً من أن تكون قوة دافعة للتغيير، أصبحت مصدرًا للاستعراضات الإعلامية والمشاركة في ورش عمل غير مجدية، وتبدو وأنها قد أفلست من الحلول والتدابير.

- استعراضات إعلامية بلا فائدة

بدلاً من تقديم حلول ملموسة، اكتفت الحكومة بالاستعراضات الإعلامية والمشاركة في ورش عمل تنظمها جهات التعاون الدولي. هذه الورشات، رغم أهميتها، لا تسهم في تحسين الوضع الاقتصادي بشكل فعلي. المواطنون في المدن والقرى والبوادي يشعرون بخيبة أمل حقيقية من هذه الإجراءات التي تفتقر إلى الجدية والفعالية.

- التجاهل للأفكار المبتكرة

منتدى الابتكار قدم طروحات لمشاريع نوعية يمكن أن تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتنمية الخزينة. ولكن، وللأسف، فإن دولة الرئيس لم يُظهر أي اهتمام جاد بهذه الأفكار. الحكومة لم تعقد جلسات عصف ذهني حقيقية ولا تستمع للأفكار المبتكرة التي من شأنها أن تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي.

- خطة خمسية مقترحة من منتدى الابتكار

في ظل هذا الوضع، يُقترح أن تتبنى الحكومة خطة خمسية محكمة لإنعاش الاقتصاد الوطني، تتضمن:

الرؤية لما تبقى من عام 2024

جمع وتحديث الخطط التنموية:

1- مراجعة وتحديث الخطط السابقة لكل المحافظات والمدن، بما في ذلك خطط استعمالات الأراضي وخرائط الاستثمار.

2. تحليل نقاط القوة والضعف: تحديث دراسات حول نقاط القوة والضعف والتهديدات والفرص للمحافظات.

3. إعداد خطة تنموية:
وضع خطة اقتصادية استثمارية لكل محافظة تشمل تفاصيل المشاريع المستقبلية.

4. بحث التمويل: استكشاف مصادر تمويل مثل صندوق الضمان الاجتماعي الاستثماري، صناديق الاستثمار، البنوك، والمستثمرين.

5. تشكيل مجالس تنفيذية: إنشاء مجالس تنفيذية في كل محافظة لقيادة تنفيذ الخطة وتنظيم مخصصات البلديات واللامركزية لخدمة المشاريع.

أهداف عام 2025

1. تحويل ملكية الأراضي: نقل ملكية أراضي المدينة الجديدة إلى صندوق استثماري وطني/وبيعها لصالح الصندوق بأسهم بأسعار تفضيلية وبالتقسيط للمواطنين، وبأسعار متوسطة للبنوك والصناديق والنقابات والمغتربين، وبأسعار عالية للدول الشقيقة والصديقة. ويدعم ويمول الصندوق مشاريع المحافظات الاستثمارية (كما ورد أعلاه) وحسب الأولوية والأهمية، كما ويمول مشاريع البنى التحتية والشبكات في المدينة الجديدة.

2. تحويل الدين الداخلي: بحث تحويل الدين الداخلي إلى سندات مدعومة بملكيات الأراضي وقابلة للتداول/ البند أعلاه رقم (١). مقابل تسييلها وفقا لتدفق السيولة الخارجية لذات المشروع.

3. تحويل المديونية الخارجية: استخدام الدبلوماسية الأردنية لتحويل جزء من المديونية إلى مشاريع استثمارية في الاقتصاد الأخضر.

4. تنفيذ مشاريع صناعية نوعية وكبرى: بدء مشروع مدينة وعد الشرق لتعدين وتصنيع فوسفات وغاز الرويشد/ شركة مساهمة وطنية عامة.

5. استكشاف موارد الطاقة: بحث إمكانية استخراج الغاز من صخور المصدر النفطية باستخدام التكسير الهيدروليكي

6- وضع إستراتيجية لإستثمار أراضي الصحراء الشرقية بمشاريع إنتاجية تستفيد من الطاقة الشمسية والمياه الجوفية العميقة فيها.

الأعوام 2026-2028

- متابعة تنفيذ المشاريع وضبط نتائجها، مع التدرج في تحويل المدن والقرى إلى مدن وقرى ذكية وصديقة للبيئة ورفيقة بالمشاة، تطبق قوانين السير الحديثة، وتحسين معايير الحوكمة لتحقيق صفر فساد.

في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب الأردني، يجب على الحكومة أن تتحرك بشكل عاجل وأن تتبنى قرارات نوعية تتجاوز التعديلات البسيطة. خطة منتدى الابتكار تقدم رؤية واضحة يمكن أن تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين مستوى معيشة المواطنين. حان الوقت لكي تتوقف الحكومة عن الاستعراضات الإعلامية وأن تبدأ في اتخاذ خطوات عملية وجريئة تعيد الأمل إلى الشعب الأردني.