الأردن.. العنف ضد المرأة يتسبب بـ11 ألف يوم تغيب عن العمل
أفادت 21% من النساء والفتيات بأنهن تعرضن للعنف الجسدي على يد الزوج أو أي شخص آخر داخل الأسرة أو خارجها مرة واحدة على الأقل منذ بلوغهن سن الـ 15 عامًا، وبالإضافة إلى ذلك، أبلغت أكثر من امرأة واحدة من أصل 10 نساء متزوجات عن تعرضهن للعنف الجسدي على يد الأخ بنسبة 13% أو الوالد بنسبة 12%، وفقًا لما جاء في تقرير اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة بعنوان: "تقدير التكلفة الاقتصادية للعنف الأسري ضد المرأة في الأردن".
كما أظهر التقرير أن النساء اللاتي يتعرضن للعنف من أزواجهن يتغيبن نحو 11.5 يومًا في السنة، أي حوالي أسبوعيّ عمل، بالإضافة إلى أن خسارة الأيام المخصصة لأعمال الرعاية تُعَدُّ ثمنًا باهظاً آخر تتكبده المرأة، وتم تسليط الضوء عليه في هذا البحث حيث أبلغت ما يقرب من 27% من الناجيات عن خسارة 4.3 يوم مخصص لأعمال الرعاية، أي ما مجموعه أكثر من 800,000 يوم في السنة.
ومن النتائج البارزة الأخرى التي توصل إليها البحث، خسارة الإنتاجية للأزواج الذين يمارسون العنف الزوجي، فهؤلاء بمجموعهم يتغيبون عن 11 ألف يوم عمل.
وفي هذا السياق، قال أستاذ علم الاجتماع الأستاذ الدكتور منير كرادشة، إن هناك محاولات ملحوظة تهدف إلى إنكار وجود منظومة قيمية وثقافة تبيح استخدام العنف ضد المرأة، وسببه عدد من الاعتبارات، هي: الخوف على تماسك الأسرة والمحافظة على متانة روابطها، والتخلص من الشبهات المحتملة التي يمكن أن تصيب هذه الأسر في حال الإعلان عن ممارسة العنف داخلها، أو لأسباب تتعلق باحتمالات تعرض مكانة الأسرة للاهتزاز وللوصم الاجتماعي.
وأوضح خلال حديثه لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن محاولات الإنكار التي يمارسها المجتمع لإخفاء مظاهر العنف ضد المرأة، تعود لاعتبارات ثقافية، وأخلاقية أخرى تدور حول مفهوم السترة والشرف، وأيدلوجية العرض، والتي عادة ما تدفع الكثير من الأسر لإنكار وجود العنف ضد المرأة أو حتى مناقشته.
وأشار كرادشة إلى أن ظاهرة العنف وممارسته تعد مسألة نسبية، خاصة ذاك الموجه منه ضد المرأة؛ كونها تمثل الحلقة الأضعف، وأهم ضحايا العنف، رغم ذلك؛ فإن كثير من النساء ما زلن يخفين آثاره، ويتظاهرن بأنه ناجم عن أسباب غير قصدية، وذلك خشية الفضيحة، أو فقدان المكانة، أو بسبب الخوف من عدم كفاءة الأجهزة الأمنية والقضاء في التعامل مع واقعة العنف الواقعة ضدهن، أو بسبب مخاوفهن من القاء اللوم عليهن، وتحميلهن المسؤولية؛ واعتبارهن المتسببات في إيقاظ شيطنة الرجل.
وأوضح أن تداعي مظاهر العنف ضد المرأة واستفحالها يأتي لأسباب ذات علاقة بثقافة الصمت، والتي لا تتمثل فقط بالمسكوت عنه إزاء مثل هذه الممارسات، بل تذهب إلى حد تبرير العنف وتحويله إلى ظاهرة طبيعية، بل وحتى إيجابية، عبر مجموعة من المصوغات الاجتماعية الثقافية مثل: اعتبار تعنيفها نوع من التأديب والعقاب الذي يملك مبرراته، باعتبارها كائن جاهل لا يدرك صالحه، وأنه لا بد من تقويم سلوكها فهي الكائن الذي يميل إلى تغليب قيم القلب عوضًا عن قيم العقل.