المخيمات الفلسطينية شعلة الثورة الفلسطينية المعاصرة


  نبيل السهلي - هولندا

مع استمرار المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، تبرز أسئلة حول الأهداف المعلنة وغير المعلنة للعدوان الإسرائيلي الشرس على الشعب الفلسطيني، فثمة أهداف خفية غير معلنة للعدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكتوبر الماضي على قطاع غزة والضفة الغربية، وارتكاب المجازر التي ذهب ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، في المقدمة منها ترحيل الفلسطينيين من وطنهم، بما فيهم فلسطينو الداخل، وهذا هدف استراتيجي لإسرائيل منذ أن أنشأها الغرب في الخامس عشر من أيار/مايو 1948.

تغييب الشاهد

 جنباً إلى جنب مع تدمير ممنهج لمخيمات اللاجئين في قطاع غزة والضفة الغربية، بغرض طمس وتغييب أهم شاهد على النكبة الكبرى وقضية اللاجئين، التي تعتبر القضية الأهم في إطار القضية الفلسطينية، فضلاً عن كون المخيمات الخزان البشري وشعلة الثورة الفلسطينية المعاصرة والمشاركة الواسعة خلال الانتفاضات والهبَّات الفلسطينية، حيث شارك اللاجئون الفلسطينيون، سواء في مناطق عمليات الأونروا، وخارجها في مصر والعراق، في كافة مراحل الكفاح الوطني الفلسطيني، وأصبح عدد كبير منهم قادة ورموزاً وطنية، في إطار فصائل المقاومة الفلسطينية منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في الأول من كانون الثاني / يناير 1965، كما شارك اللاجئون في الضفة والقطاع بزخم كبير خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، وسقط خلالهما المئات بين شهيد وجريح وأسير. وبالنسبة للمخيمات الفلسطينية، فإن وكالة الأونروا تدير 59 مخيماً في مناطق عملياتها الخمس، الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة؛ وبالنسبة للضفة الغربية وقطاع غزة فقد بلغ إجمالي سكان الضفة الغربية، بما فيها القدس، نحو 3 ملايين ومئتي ألف فلسطيني، يشكلون 26 في المائة من عدد السكان، ويعيش ربع اللاجئين في الضفة في 19 مخيماً رسمياً، ويقطن الآخرون في خمسة مخيمات غير معترف بها رسمياً من قِبل الأونروا ومدن وقرى الضفة الغربية، في حين وصل عدد سكان غزة إلى مليونين و300 ألف فلسطيني؛ منهم  76 في المائة  من لاجئي 48، يتركز 53 في المائة منهم في ثمانية مخيمات بائسة، ويتوزع الباقون على القرى والمدن والأحياء في القطاع، ومن أهم الخصائص الديموغرافية، يعتبر مجتمع اللاجئين في الضفة والقطاع فتياً؛ نظراً لكون الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر يشكلون أكثر من 50 في المائة، وتعتبر الكثافة السكانية في مخيمات غزة الأعلى في فلسطين والعالم.

إفشال خطة الترحيل

يلحظ المتابع أن الجيش الإسرائيلي يقوم منذ بداية أكتوبر الماضي باستهداف المدنيين والبنى التحتية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس، محاولةً منه لإخضاع الفلسطينية في شكل خاص باعتبارها شعلة النضال الفلسطيني وحاضنتها الشعبية؛ فضلاً عن تحقيق هدف غير معلن يتمثل بطرد الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء المصرية، ومن الضفة الغربية باتجاه الأردن، بغرض فرض ديموغرافيا تهويدية إحلالية صهيونية، هذا جنباً إلى جنب مع تدمير ممنهج للمخيمات في قطاع غزة والضفة الغربية، لدفع اللاجئين إلى خارج فلسطين، وتالياً تغييب أهم شاهد على نكبة 48، حيث كانت المخيمات داخل فلسطين وخارجها، وكذلك اللاجئون خارج إطار عمليات الأونروا الخمس الخزان البشري وشعلة الثورة  الفلسطينية المعاصرة. ومن نافلة القول أنه على الرغم من المجازر التي ترتكبها دولة الإبادة الجماعية إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، بيد أن صمود الشعب الفلسطيني على امتداد الوطن الفلسطيني أفشل مخطط تهجير الفلسطينيين إلى خارجه، وكل ذلك يتطلب وحدة وطنية حقيقية وسبل مشتركة لمواجهة مخططات الدولة المارقة إسرائيل المعلنة وغير المعلنة، وتضحيات الشعب الفلسطيني على مذبح الحرية وطرد المحتل الصهيوني تستحق بكل تأكيد ترسيخ الوحدة الوطنية على كافة المستويات.