إنه نتنياهو.. أولاً وأخيراً
رأي مسار
منذ بدء الحرب على غزة وامتداداتها بوتائر مسيطر عليها نسبياً إلى الجبهة الشمالية، ظهر مصطلح جرى وما يزال تداوله في وسائل الإعلام، يقول.. أنه من غير المسموح به وقوع حربٍ شاملة على الجبهة الشمالية، نظراً لما تحمله من محاذير لاشتعال إقليمي يتجاوز حدود الشمالية والجنوبية، ويجر الدول العظمى للتدخل فيها.
منطقتنا كلها، تقف على كومة هائلة من براميل البارود التي يكفيها أعواد ثقاب غير مسيطر عليها للاشتعال.
كمّ السلاح والطائرات والمسيرات والبوارج وفوهات النار المحتشدة في برها وسمائها وبحرها، يفوق كثيراً ما احتشد في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وفي شهرها العاشر.. لم يعد يجري في الحيز الجغرافي الضيق شمالاً وجنوباً، حرباً تُرى نهاياتها بل مذابح وحشية وقودها المدنيون وبخاصة الأطفال منهم.
مذبحة في ملعب كرة قدم، تتزامن مع مذبحة في مدرسة ومذبحة في مستشفى، ولا أفق يظهر جرّاء هذه المذابح سوى الموت والدمار، فلا إسرائيل مالكة القدرة على الحسم كما يدعي مهندس الموت فيها بنيامين نتنياهو.. ولا العالم الذي يراقب ما يجري وهو مكتوف اليدين معصوب العينين، وكأن المذابح تجري في زمن آخر وكوكب آخر.
إنه نتنياهو الذي لم تكفيه عشرة أشهر من القتل والتدمير المنهجي، والمذابح المتسلسلة ليجعلها حرباً مفتوحةً على كل الوسائل والزمن، ليس من أجل أمن إسرائيل كما يقول، وإنما من اجل تطلعاته المريضة للبقاء في الحكم.
كان يمكن لهذه الحرب أن تتوقف في أيامها الأولى.. حين أعلن المشاركون بأنهم سيتوقفون عن إطلاق النار إذا ما توقفت الحرب على غزة، غير أن الذي حدث هو استمرار الحرب على غزة، لتتخذ هيئة مذابح جماعية لا معنى عسكرياً وأمنياً لها. بل إنها تجر مذابح وصلت إلى اليمن، ولا ضمانة من أن لا تصل إلى مناطق أوسع وأخطر..
إنه نتنياهو المختبئ وراء أجندة النصر المطلق، وهو يعرف استحالة تحقيق هذه الأجندة، والمختبئ وراء ساتر الكونغرس الذي يجسد الجبهة الخلفية لمذابحه وحتى الأمامية إذا لزم الأمر.
نتنياهو الذي أدى إجازة ممتعة في أمريكا، بينما المآتم تملأ كل بيت، هو في طريقه إلى أرض المذبحة ليواصل العمل وفي ظهره نبع لا ينضب، من وسائل قتل ودمار يؤمنه الكونغرس الذي صفق لمذابحه أكثر من ثمانين مرة.