الفلسطينيون... ما بعد بايدن

  اضطر الفلسطينيون.. وأنصارهم إلى المفاضلة بين دونالد ترامب.. صاحب أخطر محاولة صريحة لتصفية القضية الفلسطينية، وبين جو بايدن، الذي أغدق الوعود عليهم حتى بدا كما لو أنه رجل الحل العادل الذي ينشده الفلسطينيون.

سقط ترامب وسقطت معه صفقته، ونجح بايدن ولم تنجح وعوده، شاءت الأقدار أن تقع حرب الإبادة على غزة، وأن يكون بايدن شريكاً لنتنياهو في كل فصولها، سياسياً وتسليحياً ومالياً.

أمّا وعوده للفلسطينيين فقد تبخرت جميعاً، وكأنها لم تكن.

في بيت لحم وأثناء زيارته الأولى والأخيرة كرئيس، قال جملة أحبطت آمال كل من توقع منه خيراً، إذ قال، إن من حق الفلسطينيين الحصول على دولة، ولكن لن يتحقق ذلك لا في المدى البعيد ولا حتى الأبعد.

ذلك يعني أن الرجل أعطى الفلسطينيين وعداً لن يتحقق.

منذ أمس، دخلنا مرحلة ما بعد بايدن، والمرجح أن تظل الدولة العظمى في حالة فراغٍ على مستوى القمة، إلى أن تنتهي المدة القانونية لبايدن، ويبدأ عمل البديل، وتلك مدةٌ تستغرق أشهراً.

المرشح ترامب إن صار رئيساً أي صاحب قرار في الدولة العظمى فيجب أن لا يخيف الفلسطينيين، حتى لو جدد الحديث عن صفقته البائسة، فلقد تغيرت أمريكا، وتغيرت إسرائيل، وتغير الشرق الأوسط، لقد ظهر في أمريكا اتجاه يزداد قوةً وتأثيراً وإن ببطء، يتعاطف مع الشعب الفلسطيني ويدين موقف الإدارة من حرب غزة، وها هو الشرق الأوسط يشتعل في أكثر من مكان وألسنة النار تصيب أمريكا المتورطة، وفوق ذلك تغير العالم الذي أدان إسرائيل سياسياً في الأمم المتحدة، وقانونياً في محكمة العدل الدولية، وأصبح قادتها مشروع ملاحقة في الجنايات، إذاً سوف تستمر الأمور في وتيرتها الملتهبة سواء كان بايدن أو ترامب أو أي سيدٍ أو سيدة على سدة الحكم في البيت الأبيض.

إن لوقف الاشتعال وإحلال الهدوء والاستقرار وصفةً حاسمةً ما زال الأمريكيون مترددين في اعتناقها، وهي دون حل القضية الفلسطينية على نحو يرضي الفلسطينيين فالاشتعال في الشرق الأوسط كله مستمر ومتعاظم.

هذه حقيقة عمرها عقود والشهور التسعة الأخيرة أكدتها بصورة حاسمة.