العالم يعيد ترتيب نفسه قريبا.


  م.مهند عباس حدادين

إن الظروف التي مر بها العالم نتيجة جائحة كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية والأزمة التايوانية، فرضت على جميع الدول مفاهيم ومتغيرات جديدة لم تظهر منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية, من حيث العلاقات الدولية والتحديات الجديدة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً, وسنتحدث في هذه المقالة عنها جميعها ومدى تأثيرها على العالم وما يجب علينا فعله للتخفيف من هذه الآثار.

استوقفتني مقالة كتبها قبل سنتين الخبير والمحلل الاستراتيجي والاقتصادي المهندس مهند عباس حدادبن،كان من خلالها قاريء ومحلل للأحداث العالمية السياسية والاقتصادية .
جاءت كما يلي:

إن الظروف التي مر بها العالم نتيجة جائحة كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية والأزمة التايوانية، فرضت على جميع الدول مفاهيم ومتغيرات جديدة لم تظهر منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية, من حيث العلاقات الدولية والتحديات الجديدة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً, وسنتحدث في هذه المقالة عنها جميعها ومدى تأثيرها على العالم وما يجب علينا فعله للتخفيف من هذه الآثار.

هذه المتغيرات الجديدة التي ستتأثر بها دول العالم:

1) الحرب بالوكالة: أصبح واضحاً أن الدول العظمى لن تتصارع فيما بينها باستخدام جيوشها التقليدية بل ستتحارب من خلال أذرعها وحلفائها.

2) التسليح العسكري: ستخصص معظم دول العالم جزءاً من موازناتها لإعادة بناء قدراتها العسكرية المستقلة بعيداً عن التحالفات.

3) البحث عن مصادر للطاقة: نتيجة الارتفاع الحاد بأسعار النفط وحرمان بعض الدول منه نتيجة الحصار, دفع بدول العالم إلى إيجاد البدائل السريعة عنه مثل استخدام الطاقة الشمسية والرياح والنووية والهيدروجين الأخضر والاستخدام الفعّال للبطاريات التي تُشغّل وسائل النقل الكهربائية وغيرها.

4) العولمة: سيختفي هذا المصطلح في القريب ولن يكون هناك مشاركة في التصنيع بين الدول إلى حد كبير، وستعتمد الدول المصنعة على نفسها وهذا بدأ مؤخراً عندما بدأت الولايات المتحدة بالتفكير بإنشاء مصنع رقاقات إلكترونية جديد يؤمن احتياجاتها في المستقبل القريب.

5) أبحاث واكتشاف الفضاء: سيتم تقليص التعاون بين الدول العظمى في المستقبل القريب في مجال أبحاث واكتشاف الفضاء.

6) العملات الرقمية: سيتباطئ التعامل بها وستسود الضبابية في انتشارها بين الدول.

7) التغيرات المناخية: لن يتم السيطرة عليها بالشكل الصحيح لفقدان التواصل بين الدول وتطبيق الاتفاقيات السابقة بينها، مما يؤدي إلى رفع حرارة سطح الأرض درجتين مئويتين في العقد القادم.

8) خطوط النقل العالمية: نتيجة للتجاذبات السياسية والحروب سيتم البحث عن بدائل لطرق النقل البرية والبحرية والجوية, كاستخدام لممرات القطب الشمالي، أو إنشاء طريق الحرير الجديد أو بما يُعرف باسم «الحزام والطريق» من قبل الصين.

وسيتأثر العالم سلبياً نتيجة هذه التغيرات كما يلي:

1) قلة في إنتاج السلع العالمية المصنعة نتيجة توقف سلاسل الإمداد وارتفاع تكلفة الشحن والحصار على المواد الأولية التي تدخل في التصنيع مما يؤدي إلى ارتفاع في الأسعار.

2) تسجيل أقل في براءات الاختراعات والأبحاث العلمية بسبب ضعف التعاون الدولي وسيتأثر بذلك القطاع الطبي والزراعي والصناعي.

3) ازدياد الهجمات السيبرانية في العالم وسيبرز استخدامها في الحروب ومن الجماعات الإرهابية.

4) قلة المساعدات التي تنفقها الدول الغنية على الدول الفقيرة بسبب ارتفاع كلفة التصنيع وقلة إرادات الدول الغنية, وكذلك زيادة الإنفاق العسكري لبناء وتحديث منظوماتها الأمنية, ولن تكن هناك مساعدات وخدمات أمنية بالمجان.

5) المجاعات نتيجة قلة الغذاء والارتفاع الحاد في أسعاره الذي تُنتجه الدول وتستورده من غيرها، نتيجة التغيرات المناخية والزيادة في النمو السكاني.

6) الزيادة في عدد المرضى نتيجة للتغيرات المناخية الحادة وارتفاع عدد الكهولة مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الخدمة الطبية من وقاية وعلاج.

7) انخفاض في الناتج القومي الإجمالي العالمي في السنوات القادمة قرابة 20%, مما يؤدي إلى انخفاض في نسب النمو الاقتصادي للدول, والانخفاض في التبادلات التجارية بينها وبالتالي فقدان المزيد من الوظائف وارتفاع في البطالة والفقر وخصوصاً في دول العالم الثالث.

8) التراجع في الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة في المجالات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية.

9) ازدياد ديون العالم الثالث ودول الاقتصادات الناشئة, مما يجعلها غير قادرة على السداد.

10) قلة الاستثمارات العالمية وتردد المستثمرين في الاستثمار.

11) تراجع السياحة لارتفاع تكاليفها وفقدان الأمن والأمان خصوصاً في دول العالم الثالث.

12) ازدياد تجارة المخدرات في العالم وغسيل الإموال والاتجار بالبشر.

من خلال استعراض نتائج ما سيؤول إليه الوضع العالمي في العقد القادم الذي سيضع التحديات الجمة والصعبة أمام المسؤولين, وهذا ما تحدثنا عنه في أكثر من مقالة سابقة، ولذلك يجب الاعتماد على أنفسنا وبناء قدراتنا الذاتية وهناك ثلاثة محركات سريعة مختصرة يجب التركيز عليها:

- إعادة النظر بالمناهج الدراسية والتخصصات المختلفة من المدرسية والمهنية والجامعية وزيادة الإنفاق على البحث العلمي, والانتقال السريع للتحول الرقمي.

- التركيز على السياحة بكافة أشكالها وأنواعها وتطوير بنيتها التحتية جذرياً وإعطاء الدور للقطاع الخاص بذلك.

- تشجيع الاستثمار والتذليل العملي لمعوقاته.

ولا يتم ذلك إلا باختيار من يصنعون التغيير والإبداع من المسؤولين, والتركيز على المخططين الإستراتيجيين, واختيار المسؤول ذي العقلية المخططة والمُنتجة وإيجاد الحلول السريعة والبدائل, والابتعاد عن الحلول التقليدية التي لم تؤت بثمارها لغاية الآن، لأن العالم قد تغير فيجب البحث عن القياديين الذين يدركون العمق الذي حدث في التغيّر العالمي والتفاعل معه, كحل مسألة رياضية فلا يكفي أن تستحضر جميع القوانين التي تؤدي إلى حلها, يجب أن يكون هناك فهم عميق للمسألة بجميع متغيراتها, لأنه يمكن البدء بحلها باشتقاق بسيط قبل تطبيق القوانين الرياضية عليها, إضافة إلى إعادة الثقة الكاملة بين المواطن والحكومة لإنه شريك فعّال معها, ومد جميع الجسور مع القطاع الخاص.