الحكومة وديون الضمان
سلامة الدرعاوي
وجاء هذا الدخل بشكل رئيسي من أرباح محفظة السندات بقيمة 130 مليون دينار، ومحفظة أدوات السوق النقدي بقيمة 34 مليون دينار أردني، بالإضافة إلى 43 مليون دينار من التوزيعات النقدية للشركات. وأظهرت ذات النتائج أن المكونات الأساسية للمحافظ الاستثمارية استمرت في الحفاظ على استقرارها وفقا للنسب المحددة في السياسة الاستثمارية. وشكلت محفظة السندات %57.3 من إجمالي محفظة الصندوق، محفظة الأسهم 15.6 %، محفظة أدوات السوق النقدي 14 %، محفظة الاستثمارات العقارية 5.7 %، محفظة القروض 3.6 % ومحفظة الاستثمارات السياحية 2.1 %.
البيانات السابقة كشفت أن أكثر من 57 % من أرباح الصندوق تحققت فقط من محفظة السندات التي أيضا حققت نموا في حجم تسهيلاتها الموجهة للحكومة، والتي وصلت اليوم إلى 9.24 مليار دينار، أو ما يعادل 62 % من موجودات الصندوق التي تجاوزت اليوم 15 مليار دينار.
ومن الواضح أن إدارات الصندوق المتعاقبة أدركت مبكرا الجدوى الاقتصادية لتقديم التسهيلات للحكومة مقابل درجات مخاطرة أقل من أي استثمار آخر مهما كان نوعه. للعلم، يقدم الصندوق القروض للحكومة من خلال مشاركته في السندات الحكومية التي تطرح في الأسواق من قبل البنك المركزي، ويتسابق عليها الجهاز المصرفي والصندوق معا في سوق تنافسية للحصول عليها، فالعملية ليست كما يعتقد بأنها موجهة بأوامر من الحكومة للصندوق، الذي يملك الحق والاستقلالية الكاملة لعدم المشاركة في تلك السندات إذا رأى أنها غير مجدية.
وتشارك جميع صناديق الاستثمار العالمية بقوة في السندات الحكومية سواء كانت داخل دولهم أم في الخارج، لجدوى الربحية العالية. لكن يبقى السؤال الذي يُطرح بين الفترة والأخرى، خاصة من قبل المواطنين، وهو: هل مديونية الحكومة على الضمان عالية ومقلقة ويجب ضبطها؟ في الحقيقة، تنقسم الإجابة على السؤال إلى شقين: الأول يتعلق بتخوف مشتركي الضمان من ضياع أموالهم ومدخراتهم نتيجة هذا الاقتراض الكبير، والثاني متعلق بعدم قدرة الضمان على توسيع استثماراته نتيجة توجيه جزء كبير من سيولته لسندات الحكومة.
لا يوجد ما يقلق مدخري ومشتركي الضمان على أموالهم، فالحكومة نفسها ضامنة للضمان وصندوقه، إضافة إلى أنه لم يسبق أبدا في أي فترة أو حالة أن تخلفت الحكومة ولو لحظة عن السداد في الموعد المحدد. أما النقطة الأخرى، فلو كانت هناك فرص استثمارية متعددة وواعدة، فالصندوق سيذهب إليها لوحده دون توجيه، لكن للأسف، ما تزال القاعدة الاستثمارية محدودة وجامدة في الفرص، والجدوى الاقتصادية محدودة للغاية ومخاطرتها عالية.
أخيرا، شخصيا، أنا مع استمرار مشاركة الصندوق في السندات، لكن من المنطق أن يكون هناك مستوى أو سقف محدد لتلك المشاركة من باب سياسة عدم وضع جميع البيض في سلة واحدة، وهذا لا يكون إلا من خلال الاستفادة من الممارسات الفضلى للصناديق الدولية في هذا الأمر.