ماذا ينتظر المجتمع الدولي لدعم الأردن؟
سلامة الدرعاوي
إن العالم يقف مكتوف الأيدي بينما يتحمل الأردن أعباء لا تطاق منذ اندلاع الأزمة السورية أي من عام 2011، حيث تدفق إلى الأردن حوالي 1,35 مليون لاجئ سوري، مما شكل ضغطا هائلا على موارده المحدودة وخدماته العامة. وبينما يتحدث المجتمع الدولي عن الدعم والمساندة، فإن الأرقام تكشف عن تقاعس صارخ. فقط 5.8 % من التمويل المطلوب في النصف الأول من هذا العام تم توفيره، تاركا الحكومة الأردنية تصارع وحيدة لتلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين.
الأردن الذي كان وسيبقى دائما ملاذا آمنا للاجئين، يجد نفسه الآن في مواجهة أزمة غير مسبوقة، فالمساعدات الدولية التي تصل لا تفي بالغرض، وتضع الأردن في موقف لا يُحسد عليه، إذ إن الخدمات الصحية، والتعليم، والإسكان، جميعها تعاني من ضغوط لا تطاق، ومع هذا، يظل الأردن ملتزما بموقفه الأخلاقي والإنساني، مساندا للاجئين رغم كل الصعوبات. الوضع الاقتصادي في الأردن ليس كما يجب، ونسبة البطالة بين الأردنيين ترتفع بشكل مخيف، بينما الدعم الدولي يذهب لتوفير فرص عمل ومشاريع خاصة للاجئين، وهذا التفاوت يخلق حالة من الغضب، والاستياء بين المواطنين الأردنيين الذين يشعرون بأنهم يُهمّشون في وطنهم.
الدراسات التي أعدتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والبنك الدولي تكشف عن مؤشرات كارثية، حيث تزداد نسبة الفقر والبطالة بين اللاجئين، مع احتمالية عودة ظهور أزمة إنسانية جديدة، فهذه المؤشرات تستدعي تحركا عاجلا من المجتمع الدولي، الذي يبدو غافلا عن حجم المعاناة التي يعيشها اللاجئون والأردنيون على حد سواء.
الأردن الذي يحتضن بين جنباته أكثر من 233 ألف مولود سوري منذ بداية الأزمة، أصبح أكبر بلد مستضيف للاجئين مقارنة بعدد السكان، ههذا العبء الإضافي يضع الحكومة الأردنية في موقف حرج، حيث يتطلب استمرار تقديم هذه الخدمات دعما دوليا حقيقيا وليس مجرد وعود فارغة. الموقع الجغرافي للأردن، بين ثلاث قارات، كان دائما ميزة
إستراتيجية، ولكن في ظل الأوضاع الإقليمية غير المستقرة، أصبح هذا الموقع نقمة، حيث زاد من الأعباء الاقتصادية وجذب العمالة الأجنبية، ومع كل هذا، يظل الأردن صامدا، لكنه يحتاج إلى دعم حقيقي من المجتمع الدولي. ماذا ينتظر العالم حتى يدعم الأردن بشكل جاد؟ هل ينتظر المجتمع الدولي حتى تتفاقم الأزمة إلى درجة لا يمكن السيطرة عليها؟ يجب على الدول المانحة تحمل مسؤولياتها وتقديم الدعم المالي اللازم للأردن فورا، فهذا الدعم ليس فقط ضرورة إنسانية، بل هو
استثمار في الاستقرار الإقليمي. الأردن الذي قدم الكثير للاجئين، يستحق أن يُلقى له العون والدعم، فالمساعدات الدولية يجب أن ترتقي لمستوى التحديات التي يواجهها الأردن، فلا يمكن لدولة واحدة أن تتحمل هذا العبء وحدها. العالم مطالب بالتحرك الفوري، والوقوف بجانب الأردن في هذه الأزمة الإنسانية الكبرى، فدعم الأردن هو واجب أخلاقي وإنساني لا يحتمل التأجيل.