«الحيوانية الإسرائيلية».. بين العُقدة والعقيدة!
رجا طلب
لم تعد توصيفات مثل الهمجية أو الوحشية للسلوك أو مصطلحات مثل الفاشية أو النازية كتوصيف للمعتقد السياسي، لم تعد كلها تصلح لتطلق على «الحالة الاسرائيلية» وما نتج عنها خلال التسعة شهور الماضية في قطاع غزة بصورة خاصة وإن كان ما قبل هذا التاريخ في عموم فلسطين لا يقل فظاعة وبشاعة، وأعتقد أن الوصف الاكثر دقة للعقلية الإسرائيلية وما نتج وينتج عنها من ممارسات هو «الحيوانية البدائية» لكي لا نظلم «الحيوانية الأليفة».
إن دلالات هذا الوصف مختلفة بالمعنى والمضمون عما قصده المنظّر السياسي البريطاني «الاسدير كوتشرين» في كتابه مقدمة في الحيوانات والنظرية السياسية عام 2010 وعما قصده جيريمي باكسمان في كتابه الشهير «الحيوان السياسي» الصادر عام 2002.
«الحيوانية الاسرائيلية» هي أكثر حالات السلوك الحيواني انحطاطاً وبشاعة لأنها نابعة من وعي كامل بالفعل المدمر وأهدافه في الغاء إنسانية الند أو الخصم «الفلسطيني» واستباحته بأبشع أدوات القتل والتدمير والتحقير، وهذا السلوك لم يات من فراغ أو كحالة عرضية أو رد فعل عابر أو غاضب، بل هو نتاج تفاعل تاريخي بين العقد النفسية – الاجتماعية لليهود حول العالم والعقيدة التلمودية المليئة بالمفاهيم والتعاليم العنصرية الساخطة والمعادية لكل من هو غير يهودي، والتي انتجت الصهيونية الدموية التي نراها اليوم تقتل أهلنا في فلسطين.
في تفسير ما سبق نجد أن اليهودية التي هي ديانة مغلقة إلى حد كبير، باتت ديانة وقومية في ذات الوقت و تعرضت عبر التاريخ الى العديد من محطات العزل والنبذ والاضطهاد لأسباب اجتماعية وبخاصة السلوك العام كالجشع وحب المال وسياسة الاقراض والربا التى انتهجها اليهود بعدما حرمتهم المجتمعات الاوروبية من كل المهن المتاحة وقتذاك ولم يبق أمامهم إلا الإقراض وبفوائد عالية جداً ساهمت لاحقاً بتأسيسهم للبنوك في أوروبا والتحكم في سياسات بعض الدول مثل بريطانيا وفرنسا وايطاليا (شخصية شيلوك اليهودي في رواية تاجر البندقية لوليم شكسبير) والذي من المفترض أن يصفوه اليوم بمعادي للسامية!!
الكراهية لليهود من جهة والاضطهاد الذي تعرضوا له في اوروبا على مدى عدة قرون من جهة ثانية خلق داخلهم احقاداً وكراهية لكل من هو غير يهودي وهو بالتعبير التوراتي او التلمودي «الاغيار»، وكانت ذروة هذا الاضطهاد في عهد ادولف هتلر ومعسكرات الإبادة والتي عجلت في هروب اليهود من أوروبا إلى فلسطين بفعل الدعاية الصهيونية باعتبار فلسطين هي أرض الميعا، وبدأ المهاجرون اليهود يفجرون عقد الاضطهاد والدونية التى مورست ضدهم في وجه الفلسطينيين وهم يعلمون علم اليقين أن الأرض الفلسطينية ليست أرضهم ولا تشبههم في أي شيء وهي بيئة مختلفة كلياً عن تلك البيئة التي جاءوا منها، ولم تكن تربطهم بها أي علاقة من أي نوع حسبما كتب المؤرخ الإسرائيلي «ايلان باببيه» و"افي شلايم» و"شلومو ساند مؤلف كتاب » اختراع الشعب اليهودي» (وهم مؤرخون يهود).
أما على الصعيد العقائدي البحت نجد أن دولة الاحتلال بدأت «علمانية» رغم الغطاء الديني المزيف كما قال «افي شلايم» إي أنها «ارض الميعاد»، واليوم أصبحت دولة أقرب للدينية منها لأي شيء آخر عمقها الحقيقي هم الحاخامات «سفارديم او اشكينازيم » وهؤلاء «الحريديم»، ينظرون عقائدياً للفلسطيني على أنه مجرد «حيوان» يجب قتله أو طرده من أرضه وهذه النظرة الحيوانية–الدونية للفلسطيني عبر عنها يواف غالانت وزير الحرب الإسرائيلي في خطابه الشهير الذي وصف فيه المقاومين الفلسطينيين بـ"الحيوانات البشرية» وأعلن ما لم يجرؤ «هتلر» على قوله ضد اليهود الذين اتهموهم بقتلهم وإبادتهم حيث قال في يوم التاسع من اكتوبر 2023 ما نصه (نحن نقاتل حيوانات ونتصرف وفقاً لذلك وسنفرض حصاراً كاملاً على قطاع غزة، لا كهرباء، لا طعام، لا ماء، ولا غاز).
أما نتنياهو فقد طالب الإسرائليين بقتل «عماليق» وهو توصيف توراتي – تلمودي للفلسطينيين حيث تقول التوراه المحرفة طبعاً.. (أمر الله شاول وشعب إسرائيل في صموئيل الأول 15: 2-3: ». فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً»).
هذه هي العقيدة وتلك هي العقدة، و7 اكتوبر فجرت في هذه الشخصية «المخترعة» كل عقد التاريخ والجغرافيا والخوف من المستقبل.